الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيرة من الأخريات تجعلني متذبذبة بين التقرب إلى الله والبعد عنه.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد المساعدة، أنا عمري 16 سنة، وأعاني من مشكلة، حيث أكون لفترة ربما أسبوعا أو أسبوعين أتقرب إلى الله كثيرًا وأشعر بالراحة، ثم فجأة قلبي يتقلب وتصيبني كل الهموم، والسبب أنني أتأثر كثيرًا من أي شيء، يعني مثلًا أرى إحدى الأخوات أو الصديقات حالتها سعيدة- بحسبي-، فأغار وأشعر أنني وحيدة، وكثيرًا أشعر أن لا أحد يحبني ويهتم بي، فأبكي ولكن هذا يخرب قلبي، ويجعلني أبتعد قليلًا عن الله، ولكن أحاول أن أتقرب إليه.

فما نصيحتكم لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.

وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: ما كان للقلب أن يقر ولا للنفس أن تستقر إلا بالتقرب إلى الله عز وجل، قال تعالى: (لا بذكر الله تطمئن القلوب)، وقد وجدت هذا بنفسك -أختنا- ساعة التقرب إلى الله عز وجل.

ثانيا: المشكلة التي انتابتك -أختنا- قد حددتيها بصراحة، وهذا ما يحمد لك -أختنا- بل ويدل على صدق توجهك وشجاعتك، وإنا نحيي فيك ذلك، قد ذكرت -أختنا- أن المشكلة تتمثل في تطلعك إلى الغير، وهذا عرض عن مرض ولا بد في علاجه من معرفة السبب الذي يجعلك تغارين من سعادة الغير.

ثالثا: إننا نرى -أختنا- أن السبب يعود إلى ضعف التواصل الاجتماعي، أي وجود فقر اجتماعي وأسري، وقد بدا ذلك في قولك (أشعر أنني وحيدة وكثيرًا أشعر أن لا أحد يحبني ويهتم بي).

رابعا: إننا ننصحك -أختنا- بما يلي:
1- اجتهدي في المحافظة على تدينك، حتى وإن ضعف الأثر أو قلت الراحة، فلا تتركي كل ما تقومين به من خير وصلاح وتدين.

2- الإيمان -أختنا- يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فاجتهدي -أختنا- أن تكثري من طاعتك لله، وأن تبتعدي عما يغضب مولاك.

3- اجتهدي -أختنا- أن تغرزي في نفسك عن طريق القراءة وخاصة السير: فضل حب الخير للغير، وتذكري حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :(لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْخَيْرِ)، فانظري -بارك الله فيك- كيف ربط الإسلام بين الإيمان وحب الخير للناس؟

وأكد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا المعنى في أكثر من حديث، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم -:(وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا) بل جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- دخول الجنة مرتبطا بهذه الخصلة، فقد روى الإمام أحمد عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ) مثل هذا التوجه مع كثرة القراءة في السير حول هذا المعنى يزيل الله به ما علق بقلبك -إن شاء الله-.

4- اجتهدي -أختنا- أن توجدي لك صحبة صالحة من الأخوات الداعيات، فإن المرء بإخوانه، ووجودك وسط هذه الجماعة الصالحة سيخفف عنك كثيرا، ويدفعك إلى التقدم، إلى ما تصبو إليه.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر لقمان لقمان

    الشيطان شاطر لايترك احد في حاله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً