الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكل الجهاز الهضمي وعدم الشعور بطعم الحياة

السؤال

السلام عليكم.

عمري 21 سنة، مشكلتي منذ سنتين تقريبًا أن معدتي صارت تؤلمني، فذهبت إلى دكاترة كثر، بعضهم قال لي: قولون. وآخرون: جرثومة. وأعطوني علاجًا لكن لم يأت بنتيجة.

المهم أن معدتي أشغلتني، وجلست أفكر، وصار عندي قلق وخوف تجاهها: أنه ربما يكون عندي مرض خطير، وهكذا، وعندما استيقظت من النوم صباحا؛ شعرت بشيء بارد برأسي من الخلف، وشعرت أني مغترب عن العالم وأني في عالم آخر، ولا يوجد عندي تركيز.

مع العلم أن هذه الحالة كانت تأتيني منذ زمن ولكن بصورة قليلة، وعندما تأتيني أغمض عينيّ لفترة قصيرة وأفتحها فتذهب، أو أنام قليلاً ثم أستيقظ.

منذ سنتين وأنا أشعر بهذه الحالة، بعدم الشعور بالواقع، مثل الشخص المتغرب عن الدنيا، وفي الليل أتعب أكثر وأشعر بعدم التركيز، وأحيانًا بعض الأيام تأتيني فجأة وبقوة فأفقد التركيز وأكون مثل السكران، فأذهب لأنام كي أرتاح منها، وأشعر كثيرًا بحرارة برأسي من الخلف خاصة وقت التوتر، وأحيانًا يأتيني وسواس بالليل ولكن قليلا، ومنذ فترة وأنا غير مرتاح في النوم، وأستيقظ مبكرًا مع أني أنام متأخرًا، وهذا شيء ليس من عادتي أني أقوم الصبح مبكرًا، وعندما أقوم بعمل أي جهد -ولو كان صغيرًا- يداي تتعبان وترتجفان.

ذهبت إلى دكتور أعصاب عندنا بفلسطين، وأخبرني أن أعمل تخطيط دماغ، وصورة رنين للدماغ، فعملته؛ وكان سليمًا، وأمرني أن أزور طبيبًا نفسيًا، ولكن أهلي قالوا: ليس فيك شيء، ولا يلزم.

اضطررت أن أشتري دواء السيركسات عيار 20 وعملت على وصفكم وتحسنت حالتي على الدواء، ولكن بعدما أنهيت الجرعات المطلوبة تركته؛ بعدها بفترة رجع لي الشعور ذاته وهو التغرب عن الواقع، وأيضا القلق والخوف وخاصة في اليل.

لا شعور عندي بطعم الحياة، لا أشعر بفرح ولا بحزن، وأيضا أصبحت غير مبالٍ، وعند الجلوس مع أصدقائي أو عند الخروج من المنزل أشعر كأني مثل الآلة، وأشعر بعدم الإحساس في الواقع مثل الشخص الضائع، وأصبحت أنسى كثيرا من الأمور، وتأتيني أحلام مزعجة بكثرة.

فهل تنصحونني بأن أعود إلى دواء السيركوسات أم ماذا أفعل؟ الحمد لله محافظ على كل صلواتي، وأقرأ القرآن يوميا بعد صلاة الفجر، أرجو أن تفيدوني؛ لأني لم أعد أشعر بأن للحياة طعمًا بسبب الشعور الذي عندي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

قمتُ بالاطلاع على رسالتك وتدارسها بكل دقة، والذي أراه أن الأعراض التي أتتك هي أعراض نفسوجسدية (سيكوسوماتية Psychosomatic)، كل أعراض الجهاز الهضمي التي عانيت منها القلق لعب فيها دورًا واضحًا جدًّا، ويُعرف أن التوترات النفسية الداخلية تؤدِّي إلى توترات في مختلف عضلات الجسم، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات الصدر وعضلات الجهاز الهضمي، لذا نجد أن علَّة ما يُسمَّى بالقولون العصبي (Irritable Bowel) شائعة جدًّا، وهو في الحقيقة القولون العُصابي -يعني الناتج من التوتر أو القلق-.

استجابتك للـ (زيروكسات Seroxat) كانت استجابة جيدة جدًّا، وهذا لأن الزيروكسات بالرغم من أنه أصلاً مضاد للاكتئاب لكنه أيضًا مضاد للقلق، ومضاد للمخاوف المرضية، لذا أفادك. لكن بعد أن توقفتَ من الدواء حدثتْ لك هذه الهفوة أو الانتكاسة البسيطة، والسبب في ذلك أنك لم تُفعِّل، وربما لم تُطبِّق بدقة الأساليب العلاجية الأخرى، ومنها ممارسة الرياضة، وأن تفكِّر إيجابيًا، وأن تجعل لنفسك مشاريع حياتية، وتجتهد لتنفيذها وتطبيقها، هذا كله من أصول العلاج، والاستفادة من الوقت بصورة صحيحة، تَصْرِفُ انتباه الإنسان تمامًا عن مشاكله النفسية وكذلك الجسدية من النوع الذي يكون القلق سببًا فيها.

أريدك الآن أن تلتفت لنفسك، أن تجتهد، أن تكون لك مشاريع في الحياة، وتكون لك أهداف وأمال، وتضع الآليات التي توصلك إليها دون تأخير، دون تكاسل، ودون تسويف.

أريدك أن تكون شخصًا مثابرًا ومنافسًا، والحمد لله تعالى أنت ملتزمٌ بدينك، وهذا أمرٌ عظيم جدًّا. أريدك أن تكون منافسًا لتنفع نفسك وأسرتك وغيرك، فاحرص على هذه المنهجية، وبهذه الطريقة سوف تجد أن القلق والتوتر قد اختفى، وأنك أصبحت تندمج في الحياة بصورة أفضل.

بالنسبة للعلاج الدوائي؛ أريدك الآن أن تستعمل دواء آخر أخف بكثير من الزيروكسات، وهنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (تربتزول Tryptizol) ويسمى علميًا باسم (امتربتلين Amtriptyline) هو من الأدوية القديمة، وفي الأصل هو مضاد للاكتئاب، لكن بجرعة صغيرة يُساعد أيضًا في القلق والتوترات ويُحسِّنُ النوم، أريدك أن تتناوله بجرعة 25 مليجرام ليلاً لمدة 6 أشهر، ثم تجعل الجرعة 25 مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

وهنالك دواء آخر بسيط جدًّا يعرف باسم (ديناكسيت Denaxit) تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة شهرين. الديناكسيت أيضًا دواء ممتاز لعلاج القلق، ويجعل الإنسان يحسّ بالحيوية، ويزيل الإجهاد النفسي والجسدي، فاحرص في تناوله، وأسأل الله أن ينفعك به.

أشكرك كثيرًا على ثقتك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الكويت محمد

    رد الدكتور طيب ، وهذا الشاب يحتاج الى رقية شرعية ويداوم عليها وسوف يطيب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً