الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أحلام اليقظة ومن الخوف والقلق كيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم.
تحية طيبة للدكتور محمد عبد العليم وكل القائمين على هذا الموقع، فجزاكم الله كل خير.

أنا شاب، عمري 30 سنة، ظهرت علي أعراض الوسواس القهري في الطفولة من ناحية تكرار الوضوء والصلاة، لم أكن أعرف بالضبط ما الذي يجري.

في مرحلة المراهقة ظهر نوع من أحلام اليقظة حول الأمور الاجتماعية. أكملت المشوار بدون علاج حتى الثانوية العامة، حيث أصبت بخوف شديد طوال السنة مما أثر على تحصيلي. أخفقت في الجامعة في أحد التخصصات ولكني استطعت إكمال دراستي في تخصص آخر والحمد لله.

بدأت بطلب العلاج في سن 19 سنة، الآن آخذ فافرين 200 ملغ، وسوليان 100 ملغ يوميا إلى هذه اللحظة، حاول الطبيب في وقتها زيادة جرعة الفافرين إلى 300 ملغ، ولكن هذا لم يوقف أحلام اليقظة، أتوقع ان شخصيتي من النوع الوسواسي.

بعد وفاة والدي؛ خفّت أحلام اليقظة، وعدت والتزمت بالصلاة، ولكن أعاني من قلق وخوف مستمر نوعا ما، ومن مخاوف غير منطقية وغير مبررة، ومن عدم القدرة على الجلوس في البيت، ومن القلق والملل والضجر، مع تعكر في المزاج، وشيء من الخوف من التعامل الاجتماعي. وأحاول دائما تجاهل الوساوس والمخاوف الغير مبررة.

سؤالي: هل يجب علي التخفيف من جرعة الدواء أم تغييره؟
أتمنى وجود مهدئ لا يسبب الإدمان، فلطالما يحذر الأخصائيون من المهدئات والإدمان عليها.

كما أني أعاني من ممارسة العادة السرية منذ فترة طويلة، وعند محاولة إيقافها فإني أشعر بالضيق والتوتر الشديدين، وكأن العادة السرية أصبحت عادة إدمانية هدفها التخلص أو التخفيف من القلق، ولكني أحس أنها تسبب لي القلق وتقلبات المزاج في الأيام التي تليها.

أرجوك يا دكتور محمد عبد العليم أن تساعدني، وجزاك الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك -أخي الكريم الفاضل- على ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف.

ومن الواضح أنك بالفعل تعاني من مخاوف وسواسية، أو قلق المخاوف الوسواسي، وهذه الحالات كثيرة جدًّا ومنتشرة، وأنا قناعاتي أن العلاجات السلوكية البسيطة والتي تقوم على مبدأ تحقير فكرة الخوف والوسواس، وألا ينقاد الإنسان بمشاعره، إنما ينقاد بأفعاله، أمَّا المشاعر السلبية والأفكار السلبية فيجب أن نتصدَّى لها ونُحاصرها ونُحقِّرها، ونكون جادِّين في حياتنا، ونفعل ما هو طيب وإيجابي، وهذا قطعًا يؤدِّي إلى تبديل وتغيير الفكر والشعور لتُصبح أكثر إيجابية.

ويا أخِي الكريم: الإنسان لا بد أن يكون له هدف، وأن يجعل لحياته معنى، ينطلق نحو هذا الهدف وهذا المعنى بإصرار ودون تسويف أو تردد، هذا قطعًا يزيح الوساوس ويزيح المخاوف، والإنسان لا يمكن أن يؤدِّي أداءً ممتازًا في الحياة إذا لم يُحسِّنُ إدارة الوقت، إدارة الوقت فنّ من الفنون العظيمة، وهي مطلوبة في حياتنا، والحياة أصبحت تنافسية جدًّا، وقطعًا الواجبات أكثر من الأوقات.

فيا أخِي الكريم: اهتم بهذا المنهج، وإن شاء الله تعالى سوف يُساعدك.

الرياضة أيضًا نعتبرها الآن من الجزئيات التي يجب أن تكون أساسية في حياة الناس، لأن الرياضة لها عائد علاجي إيجابي كبير، علاج بالنسبة للنفس وللجسد، والحرص عليها أنا أراه مهمًّا جدًّا.

الحرص على العبادة والالتزام بها، والصلاة هي على رأس الأمر، ويجب أن تكون مع الجماعة وفي المسجد. ويا أخِي الكريم: الدعاء وتلاوة القرآن وبر الوالدين، هذه أسلحة علاجية عظيمة جدًّا. أنا أعرف أنك مُدرك لأهميتها، لكني ذكرتها من قبيل {إن الذكرى تنفع المؤمنين}.

أخِي الكريم: الصلاة والالتزام بها والدعاء مع شيء من العزيمة والتصميم يكفي تمامًا للتخلص من العادة السرية، يجب ألا تعتقد أن هناك إدمان على العادة السرية، لا، هي فعل قبيح، وهي تحت الإرادة الكاملة للإنسان. أخلص في الصلاة وفي الدعاء؛ لأن هذا سوف يُساعدك، لأن المتناقضات لا تلتقي في حياة الإنسان، الصلاة الخاشعة تُزيل الفواحش عن الإنسان، وشيء من التصميم والعزيمة والإقدام على الزواج أعتقد أنك تستطيع أن تتخلص من هذه العادة القبيحة.

بالنسبة للعلاج الدوائي أخِي الكريم: الـ (فافرين Faverin) دواء جيد، لكن قطعًا ليس الأفضل لعلاج المخاوف والقلق، نعم هو دواء رائع لعلاج الوسواس.

أنا أريدك أن تُناقش أمر تغيير الدواء مع الطبيب الذي يشرف على علاجك، وأقترحُ عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) أراه أجود وأفضل وأنسب، وسوف يُقلل من حدة القلق، وقطعًا جرعة صغيرة من عقار يعرف باسم (ديناكسيت Denaxit) حبة واحدة يوميًا سوف تقضي على القلق تمامًا.

أمامك فرصة عظيمة جدًّا لأن تغيِّر أدويتك وتستفيد منها بصورة أكبر، لكن التغيير النفسي والسلوكي وتغيير نمط الحياة، وتحقير الفكر الوسواسي والمخاوف، وزيادة فعالياتك النفسية والجسدية والاجتماعية، يجب أن تأخذ الأسبقية ليحدث التغيير العلاجي التام في حالتك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً