الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من تذكر الماضي بما فيه من معاصٍ وأفكار وسواسية

السؤال

السلام عليكم
أنا سأحكي لكم قصتي، وأرجو أن تساعدوني؛ فأنا خائف ومرعوب!

أنا كنت عاصياً، ولا أفعل أي شيء لله عز وجل، ولا أحب حياتي وأكرهها، ولا أحب أحداً، وفي أول يوم من رمضان هذا العام كنت أتناول المخدرات، وفي لحظة كل شيء تحول إلى سواد، وكنت أبكي وأصرخ، وأقول لنفسي: "إني ميت، إني ميت!" وكنت أبكي وأصرخ، وأقول الآيات القرآنية الصغيرة التي أنا حافظها، وأقول لله أن يعطيني فرصة ثانية؛ لكي أتحسن، وقمت.

وهأنا أحس أني ميت، وأني من غير روح، وأني بلا إحساس، منذ رمضان وأنا على هذه الحالة: أخاف من الموت، والقبر، وملك الموت، والحساب، وأخاف من كل شيء، ولا أحس بألم إذا لمست شيئاً ساخناً.

أنا أصلي ولكني لا أحس بطعم الصلاة، إلا أني أخاف من النار، وعذاب النار، والعذاب الذي رأيته في هذه الثواني القصيرة التي بدت كأنها سنون كثيرة.

أخاف أن أكون في غيبوبة، وكل هذا كمجرد حلم، أم أنا في الجنة، أم أنا في النار، أم أنا ميت، أم أنا حي، من أنا؟ وماذا يجري لي؟ ساعدوني، أنا تائه، ولا أعرف ماذا يجري لي؟

أخاف من الجلوس بمفردي، لا أدرس، لا أتكلم كثيراً كما كنت، لا أضحك، ولكني أوقفت فعل المعاصي، مثل: التلفاز، والأغاني، والعادة، وأصحاب السوء، وأغض البصر، وأحافظ على الصلوات الخمس في جماعة في المسجد، وعلى الذكر الكثير لله عز وجل، وعلى أذكار الصباح والمساء، وحضور حلقات دينية مرة في الأسبوع، وبر الوالدين، وكل هذه الأشياء التي أعرف أنها جيدة ومحببة عند الله، ولكن لا أحس أني حي، كأني صاح من النوم، ولست على كامل وعي، ولست نائماً.

أنسى الكثير من الأشياء، وأتذكر الكثير، لكن الأشياء التي مر عليها زمن كثير، ساعدوني، لا أعرف ما أفعل، وأخاف أن أكون من الضالين، ومن أهل النار، وهذا كله عذاب من رب العالمين؛ ليقول لي هذا ما الذي سيكون، وأنت اخترت الطريق المؤدي إلى الهلاك.

ساعدوني، أني ـ والله ـ تعبان، ولا أعرف ماذا أفعل، أرجوكم، أرجوكم.
أسأل الله أن يغفر لي، وأن يرحمني، إنه هو الرؤوف الرحيم.
والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يُعرف يا أخي دائماً أن الإنسان حين ينتقل من أي وضعٍ اجتماعي أو سلوكي إلى وضع آخر، تكون هنالك شحناتٍ عالية جداً من العواطف والوجدان، والقلق، وعدم التأكد من الذات، أو مما حول الإنسان، والشعور بضعف التركيز والضبابية في الأفكار، ونعتقد يا أخي أنك تمر بمثل هذه المرحلة، فأنت من فضل الله عليك بدأت في الانتقال من مرحلة السوء والشر إلى الارتباط والانتماء إلى الخير والمغفرة بإذن الله، فنسأل الله لك الثبات على ما هو خير، وأعتقد أن ما ذكرته يحمل مبشرات كثيرة، فعليك الثبات على ما أنت عليه.

بما أن هذه واحدة من الحالات القلقية فلا بأس أبداً من أن تأخذ بعض الأدوية البسيطة التي ننصح بها في علاج القلق بصفةٍ عامة، وأفضل هذه الأدوية عقار يُعرف باسم موتيفال، وجرعة البداية هي حبة واحدة ليلاً، لمدة أسبوع، ثم تُرفعها إلى حبة صباحاً ومساء، وتستمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى حبة واحدة لمدة شهر، ثم يمكن أن تتوقف عنها.

أرجو يا أخي أن تكثر من الدعاء، وأن تستعين بالله في كل صغيرةٍ وكبيرة، وأن تلجأ إلى مصاحبة الأخيار، ونسأل الله لك العون في الالتزام بشروط التوبة المعروفة، وبارك الله فيك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً