الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل الزواج برجل يطلب مني خلع حجابي والتزين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة وبركاته

أنا فتاة متوسطة الجمال، مضى العمر ولم أجد الزوج الذي يرضيني ويقنعني بنفسه، اتقيت الله في هذا الموضوع، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}، {ولا متخذات أخدان}، {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}، انتظرت عدة سنوات ولم يأت الشخص الذي أقبل الزواج به وينسجم معي من الناحية النفسية والاجتماعية.

في الوقت الراهن تقدم لي رجل أعتبره أفضل الوحشين، ولكنه يشترط خلع الحجاب، ويطلب مني بعد أن يتم زواجنا أن أخرج معه إلى الشواطئ الخاصة، وألبس ملابس البحر، علما أن الكثير من الفتيات يقبلن بهذا الأمر، ويبارك الله زواجهن، وتبدأ حياتهم الزوجية وينجون بأنفسهن من شبح العنوسة، أعيش في حيرة، وبدأت فرص الزواج تقل لتقدم العمر، ومللت الانتظار، وأرغب بالزواج وإنجاب الأطفال وتربيتهم قبل أن أشيخ بالعمر.

أفيدوني ولكم خالص تقديري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها احمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- في موقع الشبكة الإسلامية، ونرحب دائما باستشاراتك، وردا عليك نقول:
- الزواج رزق من الله تعالى يسير وفق قضاء الله وقدره، كما تسير شؤون الكون كله، يقول تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، ويقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ويقول: (لما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال:(كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس)، ومعنى الكيس: الفطنة، يعني حتى عجز الإنسان وفطنته مقدر.

- تأخر زواجك قد يكون ابتلاء من الله تعالى، والحياة كلها ابتلاء كما قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}، وقد يكون الابتلاء بسبب معاصينا كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}، وما منا إلا وله زلاته ومعاصيه، وقد لا يكون الإنسان منتبها لها، أو أنه مستصغرها، وأنا هنا لا أتهمك ولكن من باب التنبيه على التوبة والاستغفار العام، ففي الأثر ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.

- حياة المؤمن كلها له خير، فهو يتقلب بين أجري الشكر والصبر، كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن).

- لا أتوقع أن جميع الذين تقدموا لك كما قلت (وحوش)، ولكن الذي يظهر لي أن سقف المواصفات عندك عال، ولذلك لا تجدين من تريدين، فأتمنى أن يكون أهم الصفات عندك أن يكون شريك الحياة على دين وخلق، إضافة إلى بعض الصفات الثانوية الأخرى، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صمام أمان للحياة الزوجية المطمئنة، وهما بالنسبة للزوجين كمثل الجناحين للطائر، وصاحب الدين والخلق إن أحب المرأة أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

- الخطيب الذي جاءك مؤخرا لا أنصحك بقبوله، لأنه كما تبين من استشارتك ليس صاحب دين ولا خلق ولا غيرة عنده على عرضه، فها هو يدعوك للمعاصي، ولما يغضب الله عليك، كنزع الحجاب، والذهاب معه إلى الشواطئ، ولبس المايو، وربما يدعوك كذلك إلى معاصي أخرى.

- لا تيأسي من روح الله فرزقك سيأتيك في الوقت الذي قدره الله لك، فمن كان من نصيبك فسوف تتزوجين به وإن وقفت الدنيا كلها بوجهك، أو مهما حاولت التهرب منه، ومن لم يكن من نصيبك فلن تتمكني من الزواج به ولو أنفقت كنوز الدنيا، فكوني متفائلة ولا تعط نفسك رسائل سلبية فإن لها آثارا سلبية.

- عليك بالدعاء فإنه السلاح النافع المنسي من كثير من الناس، فتضرعي إلى ربك الرؤوف الرحيم وأنت ساجد وفي أوقات الإجابة، واجتهدي في أن يتوفر فيك أسباب استجابة الدعاء، فالله قد أمرنا بالدعاء، ووعدنا بالاستجابة، فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

- وثقي صلتك بالله تعالى، وحافظي على الفرائض، وأكثري من الأعمال الصالحة تعيشي بسعادة، يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

- أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب الطمأنينة لقلبك، يقول تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

- داومي على الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم والكروب والضوائق، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تُكْفَ هَمَك).

أسأل الله تعالى أن يفرج همك وينفس كربك ويرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مها

    جزاك الله خيرا ارجو الدعاء لي ولكافة بنات وشباب المسلمين

  • اليمن raadalariki

    كلام الدكتور عقيل رائع انا اوافقه الامر بان هذا الزوج يعتبر ديوث وراضي على اهل بيته

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً