الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بنقص التركيز وبطء التفكير وعلاقته بالاكتئاب

السؤال

السلام عليكم.
لقد كنت أتميز -بشهادة الجميع- بقدر عالٍ من الذكاء، فقد كنت أقرأ كثيراً منذ صغري، وكانت لدي هوايات متعددة، وكنت متفوقة دراسياً دائماً، نشأت في ظروف أسرية غير سعيدة، تتميز بسلطةٍ لا محدودة من ناحية الأب، وقسوةٍ شديدة أيضاً، مع عدم وجود ما يدل على أي محبة أو سعي للمصلحة من جهته، وقد وهبني الله أماً رحيمة صابرة، ولكن رغم ذلك أُصبت بما أصبت به.

شعور عميق بالوحدة والكآبة، بحيث لا أُطيق المكوث وحدي ولو لفترةٍ محدودة، وأعاني أيضاً من إهمال عام لصحتي ومظهري، والشعور بعدم جدوى للحياة، ربما نجم ذلك عن ابتعاد الشخص الذي أحببته ورغبت بالزواج منه للأبد، فقد كنت أشعر أنه فرصتي الوحيدة للتقدم في الحياة، وكنت أشعر أن ثقتي بنفسي تزداد معه، والآن عاد الشعور السابق بالكآبة أضعافاً مضاعفة، لا تمضي علي ليلة لا أقضيها في مر البكاء، أفكر كثيراً في حل ينقذني وينتشلني من هذه الدوامة المرعبة بلا جدوى.

المشكلة الكبرى هي أنني بدأت أشعر بنقصٍ شديد في التركيز، وبطءٍ شديد في التفكير، وأثّر ذلك على دراستي كثيراً، أشعر أني صرت غبية جداً أو معتوهة، وأعاني من العصبية الشديدة أيضاً، وأشعر أني أبحث عن شيء ما بلهفة شديدة، ولو أني لا أعرف ما هو هذا الشيء!
اعتقدت أني أعاني من هذه الأشياء لعدم رضى الله عني، فأكثرت من الصلاة وقراءة القرآن، والتقرب إلى الله، ولكني أحس أحياناً باليأس، وأن الله لا يحبني؛ لأنني لا زلت باقية رغم كل شيء في دوامة الاكتئاب القاتلة.
أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فعلاً كل الأفكار السلبية والتي تحمل شيئاً من السوداوية، وفقدان الثقة بالذات، هي دليلٌ على درجةٍ متوسطة إلى شديدة من الاكتئاب النفسي، ومن الأشياء المهمة والضرورية في علاج الاكتئاب النفسي هو أن نحاول بقدر المستطاع ونجتهد في ذلك، بأن نغير أفكارنا من الفكر السلبي المسيطر إلى فكر إيجابي، والفكر الإيجابي يأتي عن طريق البحث الدقيق، وتلمس الإيجابيات في حياتنا مهما كانت صغيرة وبسيطة، وحين نتفكر ونتأمل في هذه الإيجابيات سوف يؤدي ذلك إلى قناعاتنا بأن الواحد فينا قد ظلم نفسه كثيراً بهذه الأفكار السلبية التي أدت إلى إحباطه، وعليه أرجو أن تقومي بعملية جرد كاملة لحياتك، من حيث المقدرات والإنجازات، وكل ما هو إيجابي، وأنا على ثقةٍ كاملة من أن هناك أشياء جميلة في حياتك، فأرجو أن تكثري من التمعن فيها، حتى تتضخم وتتجسم في عقلك الباطني، وهذا إن شاء الله سيؤدي إلى تقلص السلبيات، ومن ثم هزيمة الأفكار الاكتئابية.

بجانب ذلك لابد أن أذكر لك أنه توجد الآن إثباتات علمية كبيرة، تؤكد أن الاكتئاب النفسي لديه منشأ بايلوجي وكيميائي، يتعلق باضطراب وعدم انتظام في إفراز بعض الموصلات العصبية في داخل الدماغ، ومن فضل الله تعالى أنه الآن توجد أدوية ذات فعالية عالية وسلامة كبيرة، وتساعد المرضى بنسبة (90%) تقريباً، ولكن هذه الأدوية تتطلب أن تؤخذ بجرعة صحيحة، وللمدة المطلوبة.

من الأدوية التي أريد أن أرشحها لك عقار جديد نسبياً يعرف باسم إيفكسر، أرجو أن تبدئي بتناول 37.5 مليجرام في اليوم، لمدة أسبوع، ثم ترفع هذه الجرعة إلى 75 مليجرام يومياً، لمدة أسبوعين، ثم ترفع وتزاد إلى 150 مليجرام في اليوم، وتستمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم تُخفض إلى 75 مليجرام يومياً، وتستمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، حيث أنها تعتبر جرعة علاجية ووقائية في نفس الوقت، وبعد ذلك تخفضي الجرعة إلى 37.5 مليجرام، ثم يمكن التوقف عنها .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً