الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتار بين البعثة وأمي؛ أمي تتأثر وتتغير نفسيتي إن تركتها وسافرت

السؤال

السلام عليكم.

عندي مشكلة وأحتاج نصحكم لي وتوجيهي من الناحية النفسية والاجتماعية.

أنا موظف أكاديمي، ومتزوج -ولله الحمد-، ولي والدة (سبعينية) وأنا ابنها وعائلها الوحيد، كون والدي كبير في السن (على مشارف التسعينات)، وعندي أيضا صك إعالة، رغم أن لي عدة إخوان من الوالد من زيجات سابقة له.

ابتعثت من عملي للحصول على الماجستير، واضطررت أني أترك والدتي ووالدي مع أحد إخواني الكبار، ساء وضع الوالدة الصحي خصوصا أن عندها ضغطا وسكرا وربوا، وعاشت شبه معزولة عن الناس لكون أخي في مدينة ليس فيها أحد قريب أو حتى صديق للوالدة، وكنت دائما أعود في الفترات الصيفية كي أجلس مع أمي وأرفّه عنها، وكل إجازاتي أقضيها معها، حتى أنهيت دراستي وعدت.

لما رجعت من البعثة من بعدما يقارب الـ 3 سنوات؛ فوجئت بحالة الوالدة الصحية والنفسية، حيث أنها كانت كثيرة النسيان بعض الأحيان، غير مدركة للمكان والزمان، تم تشخيصها بأن لديها مرض الزهايمر.

بعدما يقارب السنة من حين أنهيت البعثة السابقة استقرت حالة الوالدة النفسية والصحية -ولله الحمد- حيث أنها ووالدي مقيمين معي في نفس المسكن، من حين عودتي من البعثة، وأشاركهم الوجبات، وأجلس معهم بشكل يومي -ولله الحمد-.

الآن أنا مجبر من جهة العمل على الابتعاث مرة أخرى للحصول على درجة الدكتوراه، ولا أدري ماذا أعمل بوالدتي ووالدي؟ وخصوصا والدتي لتعلقها الشديد بي وحبها لي، ولعلمي بما سيترتب من سفري على حالتها النفسية والصحية، حيث أن مريض الزهايمر يحتاج الانتباه الدائم والاستقرار النفسي، لكيلا تسوء وتنتكس حالتها بسرعة.

أما والدي فلا يمانع أنه يجلس مع إخوتي، والحمد لله صحته جيدة.

جاءتني فكرة أني آخذها معي إلى بلاد الابتعاث، وجاءتني فرصة أن أرى مدى تقبلها للوضع والمعيشة هناك، حيث أنه أتتني فرصة من العمل، رحلة عمل لما يقارب الـ 15 يوما خارج البلاد، فأخذت أمي وزوجتي وسافرنا، وفوجئت بانتكاس حالتها وزاد نسيانها وخوفها منا وعدم وعيها وإدراكها بالمكان والزمان، حتى أني خفت عليها أن تسوء حالتها لدرجة لا يمكن العودة بها إلى وضعها السابق، ولكن عندما عدنا إلى أرض الوطن بدأت تدريجيا تستوعب واستقرت حالتها النفسية قليلا.

لذلك ألغيت فكرة أني آخذها معي، وازدادت حيرتي وكبرت مشكلتي، لأني لا أستطيع أن أترك والدتي مع أحد إخواني أو أخوالي، وفي نفس الوقت لا أستطيع أخذها معي إلى دولة الابتعاث.

أفيدوني في وضعي جزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك ابننا البار في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يعينك على الخير ويحقق الآمال.

أسعدنا وأفرحنا اهتمامك الكبير بوالديك، وقد أحسنت في رعايتك للوالدة، وهذا حقا شرف عظيم، وبشرى لك بكثير من التوفيق والنجاح والخيرات، فالجزاء من جنس العمل، وأي عمل أسرع ثمرة من بر الوالدين، خاصة عند الكبر والضعف، قال تعالى: (إما يبلغنّ عندك الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما)، وها أنت ولله الحمد تستجيب لقول ربنا: (وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)، فاستمر على ما أنت عليه من البر.

أما بالنسبة لفرصة الابتعاث؛ فحاول تأجيلها أو تحويلها إلى بلد قريب حتى تتمكن من كثرة المرور على الوالدة وتفقد أحوالها، فإن لم تتمكن وأيقنت أن الوالدة سوف تتضرر، ولا معيل لها، فلا نستطيع أن نقول قدم الدراسة على الوالدة.

واعلم أن تقديم الوالدة على الدراسة وعلى غيرها، سيجلب لك أضعاف ما يمكن أن تفوز به بعد التأهيل.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر، وأرجو أن تستشير من حضرك من العقلاء والفضلاء في الأمر، وعليك بالاستخارة؛ فإنها طلب للدلالة على الخير ممن بيده الخير.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر صلاتى حياتى

    الدراسه تعوض لكن والدتك لا تعوض كنا معها ياتيك خيرى الدنيا والاخرة لو كنت انت مكانها ما اظنها تفكر لحظه فى ان تتركك وتسافر للدراسه او غيره 'اعانك الله على برها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً