الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت فجأة بحالة قلق أثرت على حياتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب، أبلغ من العمر 24 سنة، أعزب، جزائري الأصل، مقيم بفرنسا (باريس) منذ سنة واحدة وبدون أوراق.

منذ 3 أشهر كنت في الشارع مع أصدقائي، وكنا نتحدث فقال لي صديقي لماذا وجهك أصفر؟ بعد مدة 5 دقائق وفجأة أحسست بألم شديد في رأسي، وقلت سوف أموت ولم أستطع التنفس، وكان قلبي ينبض بسرعة، أخذوني إلى الطوارئ بمستشفى معروف وكبير في باريس، وعملوا لي تخطيطا للقلب وقياسا للضغط، وأخذوا عينة من الدم لقياس السكري، وأخبرني الأطباء بأنه لا يوجد لدي شيء -والحمد الله-.

ومنذ ذلك اليوم انقلبت حياتي، وتكررت معي نفس الأعراض، وذهبت إلى أطباء آخرين، وإلى مستشفيات أخرى، وقابلت طبيبا مختصا في أمراض وجراحة المخ، وأخذ مني عينة من الدم، وتخطيطا مغنطيسيا للرأس -والحمد لله- كانت النتائج سليمة، وبعد إخباري بالنتائج فرحت كثيرا وشكرت الله.

قال لي الطبيب بأنك متوتر، وأعطاني دواء اسمه lysanxia 15mg، هو عبارة عن قطرات، وطلب مني أخذ قطرة واحدة في الصباح وقطرتين قبل النوم.

وبعد يومين كلمني طبيب نفسي زميل لطبيب المخ، فزاد لي الجرعة إلى 20 قطرة عند الإحساس بالتوتر.


وأنا الآن أحس بأعراض أخرى: آلام في الرأس والكتف، وتسارع ضربات القلب، واهتزاز العضلات، وبلغم بني، وأحس كأن شيئا يطلع من جسدي، مع دوخة، وأحلام المزعجة، وآلام في الظهر، وبرودة الرجل، ولدي شراهة في الأكل، وأجوع كثيراً، وعندا الخروج من البيت أحس كأني في حلم.

ذهبت إلى الراقي فقال فيّ مس، وآخر قال في عين، وأنا أتخبط في مرضي هذا، كنت إنسانا عاديا ومرحا وأحب الاختلاط، والآن لا أريد التكلم كثيراً، ولا أتحمل الضجيج، وعند خروجي من البيت أبدأ أتحسس لكل شيء، وأرجع إلى البيت بسرعة.

أرجو منكم تشخيص مرضي، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شمس الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية بأول مشاركة لك في هذا الموقع، وأقول لك -أيها الفاضل الكريم-: بالفعل العامل النفسي لعب دورًا رئيسيًا في الأعراض التي تعاني منها، على وجه الخصوص أرى أنه قد أصابك نوع من القلق الحاد، وهذا القلق يظهر أنه كان في شكل نوبة هلع وفزع أعطتك الشعور بقُرب المنيَّة، وجعلتك لا تستطيع التنفُّس.

هذه الصورة معروفة، وهي صورة مثالية جدًّا وإكلينيكية نشاهدها لدى من يعانون من قلق المخاوف الذي يبدأ غالبًا بنوبات فزعٍ أو هرعٍ. بعد ذلك -الحمد لله تعالى- قمت بإجراء الفحوصات وكانت كلها سليمة، وهذا هو المتوقع؛ لأن الأمر في الأصل نفسيًا كما ذكرتُ لك.

أعراضك هذه -أيها الفاضل الكريم- نحب أن نسميها بالأعراض النفسوجسدية (سيكوسوماتية Psychosomatic) أي أن القلق هو الذي ولَّدها وأدى إليها، والأعراض نفسها سبَّبتْ لك المزيد من القلق والمخاوف؛ ممَّا جعلك تعيش في هذه الدائرة أو الحلقة المفرغة.

فأنا أتعاطف معك كثيرًا فيما تعاني منه، وأعرف وطأة ذلك، لكن أريدك أن تقتنع بتفسيري هذا، وأقول لك: إن تجاهل الأعراض يعتبر علاجًا أساسيًا، وممارسة الرياضة أيضًا مهمَّة، والتعبير عن ذاتك هذا أيضًا مطلوب، والحمدُ لله تعالى أنت شخصٌ مرح وتتواصل مع الناس، وهذا سوف يفيدك كثيرًا.

وأريدك أن تنام نومًا ليليًا مبكرًا، والرياضة -أكرر- علاج رئيسي وأساسي لمثل هذه الحالات، وحدِّد مسيرتك في الحياة، ضع لنفسك برامج تفيدك في مستقبلك -إن شاء الله تعالى-.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي؛ فالدواء الذي وصفه لك الطبيب جيد ولا بأس به، لكن ربما تحتاج لأحد مضادات المخاوف والقلق الأخرى مثل الـ (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، وأريدك أن تشاور طبيبك في هذا الموضوع.

أيها الفاضل الكريم: بالنسبة لموضوع العين والحسد والسحر والمسِّ وما قيل لك من قِبل الراوي: هذا الكلام أرجو ألا يشغلك، أنا أعرف أن هذا يُولِّدُ كثيرًا من الأوهام، نحن نؤمن بالعين والسحر، ونؤمن بكل هذا، لكن -أخِي الكريم- نؤمن أن الله خير حافظ، والمؤمن والمسلم مُكرَّم، فعليك -أخِي الكريم- بالحرص على صلاتك، والدعاء، وتلاوة القرآن، وأذكار الصباح والمساء، ولا تتخبَّط بين هذا وذاك فيما يتعلق بأمر الشيطان والجن والسحر والمس، وارقِ نفسك -أيها الفاضل الكريم- واستمع للرقية الشرعية التي توجد على الإنترنت، خاصة رقية الشيخ ماهر المعيقلي، أو الشيخ محمد جبريل.

إذًا هذا الأمر حُسم تمامًا، وحالتك حالة طبية لا علاقة لها بالعين والسحر والمس، لكن تحوّط من خلال ما ذكرته لك، واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب Saad

    عندي نفس الأعراض وحياتي عذااااااااب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً