الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من تعلقي وحبي لهذا الشاب بعد توبتي إلى الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري (27) سنة، تعرفت على شاب منذ عدة سنوات وأحببته، لكنه لم يكن صادقا بالعلاقة، فظلت العلاقة بيننا في مد وجزر مرة نفترق ومرة نعود، وبعدها تيقنت بأنه لن يتزوجني؛ فأصبت بحالة اكتئاب في ذلك الوقت، ولم أكن ملتزمة بديني، فزادني الأمر بعدا عن الله، وأحسست بالجحود لعدم توفيقي بأمر الزواج من هذا الشاب، لكنني في النهاية تبت إلى الله توبة نصوحا، وأصبحت أصلي الصلاة في وقتها، وأقرأ حزبين من القرآن يوميا، بعد التوبة والالتزام أحسست بالطمأنينة التي افتقدتها طول حياتي، وانفتحت لي أبواب من النجاح لم تكن على بالي، وصرت أوفق في كل خطوة أقوم بها.

مشكلتي هي أنني لم أتمكن من نسيان ذلك الشاب، وكنت في كل مرة أبتعد عنه لفترة ثم أعود، دعوت الله في الليل والنهار بأن يرفع عني ابتلائي به، وأن يرزقني الزوج الصالح، لكن الله جل جلاله لم يستجب، وما زلت على حالي معه إلى اليوم، علما بأن موضوع هذا الشاب وأمر الزواج هما من يبعداني عن الله، وكلما اشتد بي اليأس أرجع إلى الله بعد أن تزول أزمتي النفسية، خائفة من أن أعود إلى حالتي قبل التوبة، خائفة من زوال النعم التي وهبني إياها الله تعالى، أنا في حيرة ولا أعلم السبب في عدم استجابة الله، وعدم قدرتي على نسيانه، وعدم توفيقي في الزواج! ما هو الحل؟

وشكرا لكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ شهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق الآمال.

لقد أحسنت بعودتك إلى الله، وببعدك عن كذاب ليس وراءه إلا السراب، وأسعدني أنك ذقت حلاوة الطاعة، وشعرت بلذة العبادة، وبطعم القرب من الرب سبحانه، فلا تتركي ما أنت فيه، واعلمي أن ربنا العظيم تكفل بالأرزاق، وما علينا إلا فعل الأسباب ثم التوكل على الوهاب، والرضا بما يقدره مسبب الأسباب، فاقتربي من الصالحات، وشاركي في تجمعاتهن والمحاضرات، فما أكثر من يبحثن عن أمثالك لأبنائهن أو لإخوانهن أو لمحارمهن، وأظهري بين أخواتك ما وهبك الله من جمال وذوق ودلال، واستمري في الدعاء، وثقي بأن لكل أجل كتاب، وسوف يأتيك ما قدره لك الكريم الوهاب فلا تستعجلي، ولا تحملك العجلة على الخروج عن الصواب، واعلمي أن ما يقدره الله لك خير مما تختارينه لنفسك، ولو كشفت الحجاب لما تمنى الإنسان إلا ما حصل له.

ولا تتوقفي عن الدعاء، فأنت رابحة في كل الأحوال، ولك هذه البشرى، ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها، ونتمنى أن لا تستعجلي، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم مالم يستعجل، قيل -يا رسول الله- وما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

والرابح هنا هو عدونا الشيطان، فتعوذي بالله من شره، واعلمي أن الاستمرار في الإلحاح والتلاوة والذكر عبادات عظيمة، وأكبر من كل الغنائم والمغانم، ولذلك فإن الشيطان يحاول أن يصرفك عنها بتذكيرك بالشاب، أو يدفعك للسخط والاعتراض والإدلال على الله، فلا تقولي أنا أدعوه فلماذا لا يستجيب لي؟ فلله وحده المن، وله وحده الشكر، قال تعالى: {بل الله يمن عليكم أن هداكم}، وكل ما نفعله لا يقف إلى جوار نعمة واحدة من نعمه علينا، فاثبتي على ما أنت عليه من الخير، والزمي طريق الإنابة والتقوى، وأكثري من الدعاء، وتذكري أن الإجابة تتنوع، وأن الإجابة قد تتأخر لتستمري في العبادة والإنابة، وهل في الدنيا أغلى أو أحلى من الإقبال على الله والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته!

سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ويوفقك، ونكرر الترحيب بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً