الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عند الصلاة أو قراءة القرآن وسماعه؛ أتثاءب بكثرة

السؤال

السلام عليكم.

عمري 15 عاما، ومشكلتي أني أتثاءب بكثرة وبشكل ملحوظ عند الصلاة أو قراءة القرآن أو سماعه، وعندما أتوقف عن ذلك يزول التثاؤب، وإذا عدت لذلك عاد كذلك! فما سبب ذلك؟

علماً أنه ليس لدي أي أعراض أخرى، كالأحلام المفزعة، أو أيٍ من أعراض العين وهذه الأشياء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ AhMeD حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما أنت فيه؛ بالفعل ليس من أعراض العين، فالتثاؤب وحده أبدا لا يدل على الحسد. وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن التثاؤب سببه الشيطان، فعن ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ -ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ-، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ-، ﻗﺎﻝ: (اﻟﺘﺜﺎﺅﺏ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻓﺈﺫا ﺗﺜﺎءﺏ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠﻴﺮﺩﻩ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻉ، ﻓﺈﻥ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺇﺫا ﻗﺎﻝ: ﻫﺎ، ﺿﺤﻚ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ). وفي رواية: (اﻟﺘﺜﺎﺅﺏ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ).

ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ: ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ؛ ﺃﻥ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ ﻣﻦ اﻻﻣﺘﻼء ﻭاﻟﺜﻘﻞ ﻭﻗﺴﻮﺓ اﻟﻘﻠﺐ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻣﺮ، ﻭﻫﺬا ﻳﻮﺟﺐ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﻨﻮﻭﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ: ﻳﻜﺮﻩ اﻟﺘﺜﺎﺅﺏ ﺑﺎﻷﺫﻛﺎﺭ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ. انتهى.

ﻭاﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻗﻮﻝ اﻟﻌﻠﻤﺎء: ﺇﻥ اﻟﺘﺜﺎﺅﺏ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻼﻭﺓ ﺃﻭ ﺫﻛﺮ ﺃﻭ ﺩﻋﺎء، ﻻ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺤﺎﻻﺕ. ﻭاﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻋﻠﻢ.

وقد ذكر ما يفعل الشيطان ليتثاءب المصلي؛ ﺭﻭﻯ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻨﻒ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺃﺣﺪ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻗﺎﻝ: (ﻧُﺒﺌّﺖ ﺃﻥ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺎﺭﻭﺭﺓ ﻳﺸﻤﻬﺎ اﻟﻘﻮﻡ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻛﻲ ﻳﺘﺜﺎءﺑﻮا). ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ ﻗﺎﻝ: (ﺇﻥ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺎﺭﻭﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻔﻮﺡ، ﻓﺈﺫا ﻗﺎﻣﻮا ﺇﻟﻰ اﻟﺼﻼﺓ ﺃﻧﺸﻘﻮﻫﺎ، ﻓﺄﻣﺮﻭا ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺜﺎﺭ).

وعند التثاؤب يستحب للعبد ما يلي:

• الاستعاذة بالله من الشيطان. قال ابن مسعود: (ﻓﺘﻌﻮﺫﻭا ﺑﺎﻟﻠﻪ منه).
• يكظم التثاؤب ما استطاع. لما مر في الحديث: (فليرد ما استطاع).
• يمسك بيده على فيه. عن أبي ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: (ﺇﺫا ﺗﺜﺎءﺏ ﺃﺣﺪﻛﻢ، ﻓﻠﻴﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﻥ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ).
• ضم شفتيه ومسح أنفه. ﻋﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻗﺎﻝ: (ﺇﺫا ﺗﺜﺎءﺏ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﺿﻢ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﻭﻣﺴﺢ ﺃﻧﻔﻪ).
• الإمساك عن القراءة. ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ ﻗﺎﻝ: (إﺫا ﺗﺜﺎءﺏ أحدكم ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﻓﻠﻴﻤﺴﻚ ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءﺓ). يعني حتى ينتهي من التثاؤب، ثم يعاود القراءة، لا كما نرى البعض يقرأ حين التثاؤب.

وهذه الأفعال تطرد عنك الشيطان؛ لأنك إن لم تفعل ذلك دخل الشيطان جوفك، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ -ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ- ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ-: (ﺇﺫا ﺗﺜﺎءﺏ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠﻴﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺈﻥ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ). فلا تدع له عليك سلطانا.

وقاك الله شر كل ذي شر، وعافاك من كل سوء ومكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً