الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محبط ويائس ولا أستطيع التفكير ولا الإنجاز، ما سبب هذا؟

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على الموقع الرائع والمفيد.

سؤالي للدكتور محمد عبد العليم:

منذ أربع سنوات ذهبت لطبيب نفسي بالرياض بسبب الرهاب والاكتئاب وضعف الانتصاب، فوصف لي ويلبيوترين (بوبربيون) وبدأت بجرعة (150) وبعد شهر رفعها لـ (300) وبدأت الكارثة؛ حيث زادت درجة حرارتي بشكل كبير، وأنام على المكيف في الشتاء، وزادت عصبيتي لحد شبه الجنون، وأقول لنفسي: يجب أن أتحمل لأحصل على الفائدة. وعندما لم أجد الفائدة خلال (5) شهور أوقفته من تلقاء نفسي، وثاني يوم بعد التوقف استخدمت سيبراليكس لشهرين، وأوقفته، واستمرت المعاناة، فزادت عصبيتي، وأصبحت أكره كل شيء حتى الجلوس مع الأهل، وصار عندي شبه انهيار نفسي، ويأس، وإحباط، وكره للحياة لدرجة أتمنى الموت، مع إحساسي بشيء موجود في نصف دماغي الأيسر هو من فعل هذه الأفاعيل! مع ألم ليس بشديد جدا، لكنه مزعج ومستفز، وقد أثر على عيني وأذني ويدي اليسرى.

بعد سنتين، ومن خلال قراءة استشارات موقعكم، عدت واستخدمت السيبراليكس لمدة سنة، فخفّت حالتي قليلا، وأصبحت أمارس عملي بشكل شبه طبيعي حتى فقد مفعوله تقريبا، فأوقفته، وعادت لي الحالات، ولكن أخف قليلا.

الآن لا أستطيع إنجاز عملي؛ لأن عملي يستوجب التفكير، وليس لدي القدرة على التفكير، مع إحباط ويأس، وانهيار داخلي أثر على حياتي، وليس لدي القدرة على المبادرة بأي شيء.

أرجو التكرم بمساعدتي، ومعرفة ما هذا الذي أثر على نصف دماغي الأيسر، مع تأكيدي أن كل هذا بسبب الويلبيوترين.

ولكم تحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: كثير جدًّا من الأدوية النفسية تؤدِّي إلى نتائج عكسية في بداية العلاج، هذا معروف. عقار (بروزاك Prozac) مثلاً الذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) دواء شائع الاستعمال جدًّا، وهو دواء رائع بكل المقاييس، لكن في حوالي 3-2% قد يؤدِّي إلى استثارة عصبية شديدة جدًّا في بداية العلاج، ممَّا يجعل الإنسان في حالة من الذعر والقلق والتوتر وعدم القدرة على الجلوس في مكان واحد، والتململ الحركي، ومشاعر سلبية كثيرة، هذا يحدث -أيها الفاضل الكريم– فتجربتك مع الـ (ويلبوترين Wellbutrin) كانت على هذه الشاكلة.

التفسير العلمي في ذلك: يقال أن بعض الناس لديهم أصلاً نوع من الحساسية في مستقبلاتهم العصبية، تُفرز مادة مثل الـ (سيروتونين Serotonin) بكميات ضخمة جدًّا؛ ممَّا يؤدِّي إلى هذه الاستثارة، والتي تنخفض غالبًا في خلال أسبوعين إلى ثلاثة، لكن قطعًا معظم المرضى لا يستطيعون الصبر على هذا الدواء.

عمومًا: هذه المقدمة من وجهة نظري مهمة؛ لأني وددتُّ أن أشرح لك ما حدث، علَّ ذلك أن يُطمئنك.

الآن شعورك بأن هناك شيئا موجودا في نصف دماغك الأيسر: أخِي الكريم: هذا لا أعتقد أن له علاقة بما حدث لك، قد يكون ناتجا هذا الأمر من قلق، من توتر، لكن في ذات الوقت أعتقد أنك وحتى تطمئن أكثر يجب أن تذهب مباشرة وتقابل الطبيب؛ ليقوم بتصوير الدماغ، والصورة المقطعية أصبحت الآن سهلة جدًّا وغير مكلفة، وفي متناول الجميع تقريبًا، فأنصحك بأن تذهب للقيام بهذه الصورة، وأنا متأكد أن النتائج حين تأتي سليمة –أي أنه لا يوجد أي خلل عضوي– هنا سوف تستقر نفسك وترتاح.

بالنسبة لموضوع التفكير وافتقاد الدافعية، وعدم الرغبة في العمل، والشعور بالإجهاد النفسي والجسدي: هذا قطعًا من علامات الاكتئاب، وهذا يُعالج من خلال الأدوية، وكذلك الاجتهاد والمثابرة والإصرار على الإنجاز، والإصرار على أن تكون لديك إرادة إيجابية، إرادة التحفّز، إرادة التحسُّنِ، إرادة الإنتاج، واستعن بالله تعالى في كل أمورك، احرص على صلاتك، وأكثر من الدعاء، وعليك بممارسة الرياضة، الرياضة حتى وإن لم يكن لك فيها رغبة الآن، ابدأ بخطواتٍ ولو بسيطة، البدايات التدرُّجية للرياضة تجعل الإنسان يرغب فيها، ومن ثم سوف تجني منها فائدة كبيرة جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: يمكن أن تختار دواءً لا يُسبب لك صعوبات جنسية، ويفيدك في نفس الوقت، هنالك دواء يعرف علمياً باسم (ترازدون Trazodone) ويعرف تجارياً باسم (مولباكسين Molipaxin) دواء قديم نسبيًا، أعتقد أنه سيكون من أنسب الأدوية لحالتك هذه، ربما لا يكون متوفرًا في السعودية، لكنه موجود في مصر، وهو زهيد الثمن جدًّا.

أرجو أن تستشير طبيبك حول موضوع هذا الدواء، وقطعًا الطبيب حين تذهب إليه سوف يقوم بإجراء الصورة المقطعية للدماغ؛ لتطمئن بصورة أفضل.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً