الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يظن بأنه مراقب ويتخيل أمورا غريبة، فما تشخيص حالته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد طرح مشكلة أخي، وهي مشكلة نفسية، يبلغ أخي من العمر (20) عاما, تتغير حالته رأسا على عقب مرة أو مرتين خلال السنة, فينعزل عن أصدقائه والجيران والأسرة، يكون قليل الكلام جدا, يفكر ويسرح بشكل دائم، يقضي يومه بالنوم نهارا، ويستيقظ في الليل ويواصل السهر والتفكير, والأصعب أننا عندما نسأله عن سبب قلقه يبدأ بسرد القصص الغريبة، فمرة يقول بأن هناك من يراقبه, أو أنه يريد الانتقام من شخص قد آذاه, أو يظن بأن بيده حلا لكل مشاكل العالم, أو يفكر باختراع ما ولا يريد من أحدهم أن يسرقه, تدوم هذه الحالة شهراً أو أقل.

في الفترة الأولى يستمر بالبكاء عند سؤاله ماذا بك، ولو تكلم كلاما عاديا يبكي, وبعد عشرة أيام من الشهر وعند سؤاله يسرد لنا القصص التي ذكرتها لكم.

أخذناه قبل سنتين إلى الطبيب النفسي وصرف له الدواء ولكن دون جدوى.

ملاحظة: أمي وأبي كانا يضربانه في صغره، لأنه كان عاقا، هو الوحيد الذي تعرض للضرب من بين كل إخوتي, ويكون الضرب عنيفا أحيانا.

أرجو مساعدتي وإرشادي كيف يمكننا التعامل معه؟ أخشى أن يؤذي نفسه، أو أن يؤذي شخصا آخر.

وبارك الله في جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

وصفك لحالة أخيك واضح جدًّا، لديه أعراض نفسية وسلوكية وذهانية عقلية مهمَّة جدًّا، جوهر أمره هو المرض الذي يُعرفُ بمرض الظنان أو الزواري أو الباروني، حيث إن الشكوك الظنانية مُطبقة، والشعور بالارتياب وسوء الظن بالآخرين واضح وموجود، هذا يمثِّلُ المعايير الرئيسية لمرض الظنان أو الفصام الباروني أو الزواري.

والحالة معروفة جدًّا عند الأطباء، وهي أفضل الحالات من حيث الاستجابة للدواء، وما قيل من أن الدواء لا يُجدي، هذا ليس صحيحًا، الدواء يُجدي، والدواء يُفيد، والدواء يساعد هؤلاء المرضى كثيرًا، بشرط أن يكون الدواء هو الدواء الصحيح، وأن تكون جرعة الدواء أيضًا هي جرعة صحيحة، وأن يلتزم المريض بالعلاج، أقل شيء لمدة ثلاث سنوات، أو حسب ما يراه الطبيب.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة، اذهبوا به مباشرة إلى الطبيب النفسي، وسوف يصف له أحد أدوية الذُّهان، مثل (اولانزبين Olanzapine)، أو (رزبريادون Risperidone)، أو (سوركويل Seroquel)، أو (إرببرازول Aripiprazole) أو (استلازين Stelazine)، كلها أدوية فاعلة وجيدة، وسوف تساعده كثيرًا في زوال أفكاره الظنانية، وسوف يقلُّ انعزاله، وسوف ينتظم نومه -إن شاء الله تعالى- ويكون أكثر تفاعلاً مع الناس، ويخرج من دائرة الانعزال.

ومن جانبكم عليكم بحسن معاملته، والإحسان إليه، لكن لا تُشعروه بأنه عاجزٌ، أو أنه مريض، أو أنه ناقص عن الآخرين، لا، حقوقه الاجتماعية تكون محفوظة، يُشارك الناس في مناسباتهم، هذا مهمٌّ جدًّا، وعليه أن يقرأ، ويطِّلع، ويتواصل، ويصلي صلاته، وتطوير المهارات يعتبر أمرًا ضروريًا لعلاج هذه الحالة التي أوضحتها لك وأوضحت كيفية العلاج.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً