الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشتكي من القلق والتوتر والقولون العصبي والهضمي

السؤال

السلام عليكم ورحمة اله وبركاته.

أعاني من التوتر والقلق الشديد، وعلى مر السنين ظهرت لدي مشكلة نفسية جديدة، ففي البداية كنت أعاني من القلق والتوتر، ثم القولون العصبي والهضمي، وقبل شهر تقريبا كنت حزينة جدا على موضوع ما ونمت وأنا أبكي، فاستيقظت في اليوم التالي وعانيت صعوبة في التنفس، أصبحت مجهدة بسبب صعوبة التنفس.

بحثت في الإنترنت عن حالتي، وتبين لي بأنني صرت أعاني من التوتر في العضلات وهو ما سبب لي صعوبة التنفس، بدأت بتمارين إرخاء العضلات، شعرت بتحسن، فواظبت عليها يوميا، بعدها بفترة بكيت ولكن بكائي كان غريبا، فلم أستطع التنفس، وشعرت كأن روحي تفارقني، لا أستطع التنفس أبدا، شعرت بالتنميل في أطرافي وبدوخة، ولم أتمكن من الهدوء إلا بعد مرور خمس دقائق.

ما أعانيه من التوتر والقولون ناتج عن مشاكلي من الأهل وخوفي منهم، أشعر بالحزن على نفسي، وأحاول أن أكون إنسانة هادئة ولا أهتم بشيء حتى لا أتوتر ولكن دون جدوى، أتمنى ألا تتطور حالتي إلى الأسوأ كالإصابة بمرض الضغط، أريد المساعدة والحلول المناسبة للتخلص من التوتر والقلق.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Batool حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لم توضحي عمرك، لكن أحسبُ أنك في بدايات سِنِّ الشباب، أسأل الله لك العافية.

القلق والتوتر طاقة نفسية، قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية، والقلق الإيجابي يُحسِّن دافعية الإنسان من أجل المثابرة والبحث دائمًا نحو ما هو جيد وإيجابي، وأن يكون الإنسان مُنجزًا ومُفلحًا ونافعًا لنفسه ولغيره.

إذًا القلق ليس كله شرًّا، لكن القلق قد يزداد، قد يُسبب احتقانات داخلية، وربما يُسبِّبَ أعراض جسدية كثيرة مثل الذي تعانين منه: آلام العضلات، عدم الشعور بالارتياح، القلق، القولون العصبي (Irritable Bowel)، التنميل في الأطراف، هذا كله ناتج من القلق النفسي؛ لأن التوتر النفسي يؤدِّي إلى توترات عضلية مختلفة ممَّا يؤدِّي إلى ما تعانين منه.

أيتها الفاضلة الكريمة: أول خطوة تتخذينها أريدك أن تذهبي إلى طبيبة الرعاية الصحية الأولية، طبيبة المركز الصحي لتقوم بفحصك جسديًا، ومن ثمَّ تطلب لك بعض الفحوصات الطبية، هذا الأمر مهم، أنا لا أرى أبدًا أنك تعاني من أي مرض عضوي، لكنَّ الأسس الطبية الرصينة والكفاءة الطبية الصحيحة تتطلب أن يُعرف الإنسان وضعه الصحي الجسدي: نسبة (هيموجلوبين Hemoglobin)، وظائف الغدة الدرقية، وظائف الكلى، وظائف الكبد، مستوى فيتامين (ب12)، فيتامين (د)، هذه فحوصات سهلة وبسيطة -إن شاء الله- تعالى-، وحين تسمعين الأخبار الطيبة من قِبل الطبيبة أن كل شيء سليم، هذا سوف يُمثِّلُ دفعًا إيجابيًا بالنسبة لك، وسوف يُقنعك حقيقةً أن كل الذي بك هو قلق توتري أدَّى إلى ما يُعرف بالأعراض النفسوجسدية (سيكوسوماتية Psychosomatic).

بعد ذلك اسعيْ لأن تكوني إيجابية في تفكيرك، أن تنظمي وقتك، أن تمارسي الرياضة، أن تكون لك مساهمات إيجابية داخل أسرتك، ومهما كانت هناك مشاكل من الأهل حاولي أن تكوني متسامحة، أن تقبلي الآخر، أن تكوني أنت صاحبة المبادرات الإيجابية، أن تُرمِّمي العلاقات ما بين الأهل، لا تكوني سلبية، لا تنسحبي أبدًا من الموقف، لا، كوني إيجابية، وهذا -إن شاء الله تعالى- يعود عليك بتعزيزٍ إيجابيٍ يُحسِّنُ من مشاعرك.

برّ الوالدين يزيل الأحزان، ويبعث هدوءً وطمأنينة في النفس وشعورًا بالرضى، فابحثي عن ذلك.

التعبير عمَّا بداخلك، لا تحتقني، لا تسكتي، لا تصمتي، لا تتجنبي، عبِّري عن ذاتك حسب ما يتطلبه الموقف في الوقت المناسب وفي المكان والزمان المناسب، وبالطريقة المناسبة، وفي حدود الأدب والذوق. هذا -أيتها الفاضلة الكريمة- نُسمِّيه بالتفريغ النفسي، وهو مطلوب في حياتنا.

ابحثي حول مستقبلك، ما هي مشاريعك نحو المستقبل؟ ما هي الآليات التي تُساعدك على الوصول إلى ما تبغين الوصول إليه. ولا بد أن يكون سقف طموحاتك مرتفعًا، لكنه يُلامس الواقع.

أن تنضمي لأحد مراكز تحفيظ القرآن، هذا من الأشياء الطيبة والجميلة جدًّا، تدارسُ القرآن شيءٌ عظيم، فخيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه، وحفظُ شيءٍ من القرآن أعظم، والتعرُّف على الدَّارسات في هذه المراكز يُطوِّر من مهاراتك الاجتماعية، فاحرصي على ذلك -أيتها الفاضلة الكريمة-.

النوم الليلي المبكر مطلوب، ممارسة الرياضة التي تُناسب الفتاة المسلمة مطلوبة، وأنت الحمدُ لله تعالى تُدركين أهمية ذلك، تمارين الاسترخاء، أريدك أيضًا أن تُكثفي منها، وتسيري على هذا النمط، خففي من تناول الشاي والقهوة، إذا كنت من الذين يتناولون ويشربون هذه المشروبات، لأنها تؤدِّي إلى استثارة نفسية، تزيد من القلق والتوتر.

إذًا تغيير نمط الحياة هو أحسن وسيلة لأن يحسَّ الإنسان بأنه يعيش وضعًا صحيًّا صحيحًا، أرجو أن تكوني إيجابية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً