الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المزاح غير المنضبط سببٌ للقطيعة بين الأصدقاء

السؤال

السلام عليكم

قبل عدة أيام اتفقت أنا وصديق لي على أن نمزح مع صديق آخر لنا بعمل (مقلب) على الهاتف، وباختصارٍ وبدون إطالة بعد أن أنهينا المكالمة الهاتفية مع الصديق الثالث؛ هذا الصديق أصبح لا يكلم صديقي الذي كان قد عمل معي المقلب، وأنا أشعر بتأنيب الضمير لأنها أصبحت شحناء بين اثنين من أصدقائي.

سؤالي هو: كيف لي أن أساعدهم بأن تعود العلاقة بينهما كما كانت؟ علماً بأن خوفي الأول هو خوفي من الإثم الذي قد يترتب على المزحة التي فعلتها؛ لأني أخاف أن تكون نوعاً من النميمة أو الإفساد بين الغير أو ما شابه ذلك، لكن بغير قصد (على سبيل المزح).

وإذا كنت مذنباً بهذه المزحة (المكالمة الهاتفية)، فماذا علي أن أفعل لأكفر عن ذنبي، وأعيد أصدقائي كما كانوا؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأصل في المزاح الجواز، سواء كان بالقول أو بالفعل، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمزح ولكنه لا يقول إلا حقا، وقد كان الصحابة يتمازحون فيما بينهم، ففي الأدب المفرد للبخاري عن بكر بن عبد الله قال: (كان أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال)، ومعنى يتبادحون: أي يرمي بعضهم بعضا بقشر البطيخ.

ومن الضوابط الشرعية للمزاح: ألا يتأذى المُمازَحُ بشيء مما يُمازَحُ به من القول أو من الفعل، فإن كان يتأذى فلا يجوز ولو كان يعلم أنه مزاح؛ لحرمة إيذاء المؤمن.

وطالما وقد تأذى صاحبكم، وأدى إلى الهجران والقطيعة؛ فالواجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحا من ذلك، لأن الله تعالى قد أمر في كتابه بإصلاح ذات بين المسلمين وليس إفسادها، كما قال تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ).

والذي يجب عليك فعله هو أن تذهب لذلك الصديق الذي فعلتم معه ما أسميته بالمقلب وتوضح له ما حدث، وأنه لم يكن القصد الإساءة إليه، وأن صديقه الآخر يحبه جدا ونادم على ما فعل، وأنه يريد أن يعتذر منه، فتجمع بينهما بهذه الطريقة، ولو كان في ذلك كذب؛ لأن الكذب في إصلاح ذات البين جائز، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا).

أسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق ويصرف عنا سيئها، آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً