الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يتخيل أشخاصًا في المرآة يأخذون طعامه.. هل هذا بداية الزهايمر؟

السؤال

السلام عليكم
في البداية شاكرين جهودكم وجهود جميع العاملين في هذا الموقع الرائع، أنا صاحب الاستشارة المرقمة 2242409.

عملت بنصيحتكم في الاستشارة السابقة، وعرضت والدي على طبيب نفسي، فوصى له بعلاج seroquel 50mg، وبعد عدد من الأيام استقرت حالته، وبعد فترة عادت أسوأ، وأصبحت الحالة خلال النهار أيضًا.

ذهبنا إلى طبيب آخر وأعطاه علاج mg donepezil 10، ولمدة أسبوع واحد استقرت حالته، وعادت إلى سابق عهدها، وأصبح يرى أشخاصًا في داخل المرآة، ويقدم لهم الطعام والشراب، وعندما أسأله كيف يأخذون الطعام منك وأنت تعيد الطعام بدون أي نقص؟ فيخبرني أنهم أخذوا نسخة الطعام التي في المرآة.

كان تشخيص الأطباء الثلاثة هو بداية للزهايمر، ولكني قرأت موضوعا في الانترنت أن أعراض الزهايمر هو النسيان، وقلة النظافة، وتكرار بعض الكلمات، ولكن هذه الأعراض غير موجودة في حالة الوالد، فذاكرته جيدة جدًا، ويذهب إلى السوق، ويزور أقربائنا، ويصلي في المسجد دون أن يظهر عليه أي شيء، والمشكلة تظهر أكثر في ساعة متأخرة من الليل.

علمًا أن الوالد يأخذ حبوب الضغط، وحبوبا مخففة للدم؛ لأنه قبل سنتين عمل عملية بالون لشريان القلب، هل من الممكن أن تكون حالة غير الزهايمر؟ وما هو العلاج برأيكم؟ وهل لسوء العلاقة مع الوالدة دور في ذلك؟

وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ داود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لوالدك العافية والشفاء.

أيها الفاضل الكريم: قطعًا الوالد يُعاني من حالة ظنانية شكوكية بارونية، وهذه نشاهدها كثيرًا عند مرضى الزهايمر (Alzheimer's) خاصة في بدايات المرض، وبناء على هذه الافتراضية ربما يكون رأى الطبيب أنه يعاني بالفعل من متلازمة الزهايمر، لذا وصف له عقار (دونيبزيل Donepezil)، والذي يعرف تجاريًا باسم (آرسبت Aricept)، وهو من الأدوية المعروفة، والتي تستعمل لعلاج الخرف (Dementia)، خاصة متلازمة الزهايمر.

ما دامتْ ذاكرة الوالد جيدة فهذا أمر مبشِّر، لكن يجب أن يتمّ اختبار الذاكرة علميًا؛ لأن هناك اختبارات تفصيلية للذاكرة، الذاكرة لها عُدة مكوّنات وعدة اتجاهات، لا يدركها إلَّا الشخص المُدَرَّب فنِّيًا.

ويا أخِي الكريم: علة الزهايمر ليست انخفاضًا أو ضعفًا أو تدهورًا في الذاكرة فقط، إنما هو تدهور في الشخصية، تدهور في الوظائف الاجتماعية، اضطراب في التصرفات في بعض الأحيان، أعراض اكتئابية، أعراض وسواسية، أعراض شكوكية ظنانية ذُهانية بارونية، وجود هلاوس في بعض الأحيان، فحقيقة المرض مرض متسع الطيف، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى - وكما ذكرت -: والدك الذي يظهر لي أنه ما دام يذهب إلى السوق وإلى المسجد، ويزور الأقرباء، ولا يفقد طريقه، هذا قطعًا دليل قاطع أن التشخيص يجب أن يُعاد فيه النظر، ربما تكون حالته حالة بارونية ظنانية دون وجود علة الزهايمر.

هنالك أيضًا أمر مهم ذكرتَه، أن الأعراض تظهر عليه في ساعة متأخرة من الليل، هذا - يا أخِي الكريم - نُشاهده فيما يُعرف بالخرف الوعائي (Vascular dementia)، وهذا دائمًا ينتج من تصلب الشرايين الدماغية البسيطة - أي التصلب البسيط - أو من حدوث جلطات دماغية صغيرة جدًّا ومتكررة.

وما دام الوالد لديه ارتفاع في الضغط، وعمل عملية (بالون) لشرايين القلب، هذا يعني أنه بالفعل لديه أصلاً شيء من تصلب الشرايين، وكما تتأثر شرايين القلب تتأثر شرايين الدماغ، فاحتمال كبير جدًّا أن علته هي علة وعائية، أصابتْ الشرايين الدماغية، ممَّا أدتَّ إلى اضطرابات ظنانية، وربما شيء من التدهور الليلي - كما ورد في رسالتك -.

العلاج - أيها الفاضل الكريم -: المتابعة مع الطبيب، هذا هو العلاج الرئيسي، تقييم حالته من وقتٍ لآخر، محسِّنات الذاكرة كالـ (دونيبزيل) جيدة، الـ (سوركويل Seroquel) يمكن أن يُستبدل بأي دواء آخر من الأدوية المضادة للظنان، وإن كان السوركويل يتميز بسلامته، كما أنه يُحسِّنُ النوم كثيرًا.

المهم التواصل مع الطبيب، ومن ناحيتكم: إذا شعرتم بأي خلل في ذاكرة الوالد فيجب أن تُعطوه المعلومات الحديثة على وجه الخصوص، ولا تسألوه، يكون هناك برنامج يومي لتدريبه على اكتساب المعلومات ومتابعة الأحداث الحياتية اليومية، وقطعًا يجب أن يكون هنالك حذر ألا يفقد طريقه، هؤلاء الإخوة المرضى لديهم ما يُعرف بـ (التجوال) أي أن الواحد منهم قد يفقد طريقه، خاصة حين يخرج من منزله، وقطعًا سوف تُحسنون إليه، وتكونون أكثر بِرًّا له، -وإن شاء الله تعالى- لكم الأجر العظيم.

سوء العلاقة مع الوالدة ربما يكون له تأثيرٌ بسيط، يعني أن الوالد في الأصل لديه استعداد، والعوامل الأخرى غير المتعلقة بعلاقته مع الوالدة سبَّبتْ له ما يعاني منه الآن، نسأل الله تعالى له العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكركم على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً