الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أنشغل بالعمل أو الدراسة أخاف من عدم النوم ليلا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأكتب إليكم مشكلتي بالتفصيل، وأعتذر عن الإطالة، ولكن كلي أمل بعد الله أن أجد حلا لمشكلتي.

أنا شاب أبلغ من العمر 25 عاما، بدأت معاناتي وأنا في الـ 13 من العمر بإصابتي بوسواس قهري في الطهارة والصلاة، وكنت أعيد الصلوات كثيرا، وخاصة صلاة العشاء، لأني في ذلك الوقت قرأت أثرا أن من لم يصلّ العشاء فليس في نومه راحة، وارتبط ذلك لدي بعدم صحة صلاة العشاء، وكنت أكررها أكثر من 10 مرات حتى تكون صحيحة، ولكي أنام، ومع اعتقادي بعدم صحة صلاتي؛ كنت أعتقد أني لن أنام، وأصبحت أسهر وأعاني حتى الفجر وهكذا.

شفيت –بحمد الله- من الوسواس القهري نهائيا، ولكن لازلت أخاف من عدم النوم في الليل إذا كان لدي دراسة أو عمل في النهار، فبمجرد أن أبحث عن عمل تأتي إلي مباشرةً فكرة أني لن أنام في الليل، وأشعر بخوف وزيادة نبضات القلب، وأفكر في الخوف من عدم النوم، فأصبحت أتناول حبوب (ميزراجين) لكي أنام ولكنها أتعبتني.


ذهبت إلى طبيب نفسي وقال لديك قلق فقط. وأعطاني دواء سوليان 50 مل، وبركسال 10 مل. ولكن فكرة الخوف من عدم النوم لم تذهب، حتى فقدت عملي بسبب السهر حتى الفجر. وأنا الآن ليس لدي وظيفة في النهار، لذلك لا أشعر بخوف وقلق من عدم النوم في الليل، ولا أتناول الأدوية، وأنام بكل راحة، لكن مجرد أن يكون لدي عمل في النهار تأتي فكرة عدم النوم في الليل.

أرجوكم ساعدوني، فقد مللت الحياة، وأصبحت بلا هدف أو فائدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لكي نعطيك الحل الناجع لمشكلتك؛ لا بد من إعادة ترتيب المشكلة من أولها.

أنت كنت تعاني ممَّا يُعرف بالوسواس القهري الاضطراري، وكان هذا في تكرار الصلاة، خاصة صلاة العشاء، وكنت تُكررها كثيرًا، لأنك تعتقد أنك لم تؤدِّها على وجهها الصحيح، وأحيانًا كما ذكرت تُوقف هذا التكرار، ولكن هناك هاجس في نفسك أنك لم تؤدِّها على وجهها الصحيح، أو أن هذه الفكرة تظل تتكرر عليك، ولذلك تسهر حتى الصباح.

إذًا الأرق هنا كان عرضًا ثانويًا لاضطراب الوسواس القهري الاضطراري الذي لازمك.

الحمدُ لله تعالجتَ من الوسواس القهري الاضطراري، ولكن ماذا حصل؟ أصبح هناك ارتباط شرطي بعدم النوم، وأصبح هناك قلق، لأنك كنت تقلق بأنك لم تؤدِّي الصلاة، وهنا يحصل النوم، فصار هناك ارتباط شرطي بين القلق وعدم النوم، ذهب الوسواس ولكن استمر هذا الارتباط الشرطي بين القلق وعدم النوم، وهذا الذي يحصل لديك الآن، عندما تكون عندك وظيفة في النهار ينتابك القلق، ولذلك تسهر، وعندما يكون عندك شيء ولا يكون عندك قلق فهنا يأتي الأرق.

إذًا يجب عليك أن تفك الارتباط الشرطي بين الأرق والقلق، كيف؟ الاسترخاء –يا بني– عليك بالاسترخاء، الاسترخاء هو ترياق القلق، عليك بأي طريقة بالليل أن تسترخي، تمارين رياضية خفيفة كالمشي، قراءة كتاب مُسلي، مشاهدة برنامج في التلفزيون محبب إلى نفسك، التفكير في أشياء هادئة: رحلة جميلة، زيارة قمت بها، بلد زرته، كل هذه الأشياء الجميلة التي تؤدِّي إلى الاسترخاء إذا استطعت أن تعرف كيف تسترخي فقد أقفلت الطريق أمام القلق، لأن القلق والاسترخاء لا يجتمعان.

إذا استرخيت تكون قد قفلت وأغلقت الطريق أمام القلق، وإن شاء الله تعالى نمتَ نومًا هادئًا، لأن القلق هنا مرتبط بالأرق.

أرجو -إن شاء الله تعالى- أن تقوم بهذه الأشياء، وإن شاء الله تعالى يوفقك الله إلى عمل، وتعود إلى حياتك الطبيعية كما تغلبت على الوسواس القهري، إن شاء الله تعالى تتغلب على القلق، وتستطيع أن تنام نومًا هانئًا.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً