الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع طفلي الذي بدأ يقلد شخصية والده المهملة واللامسئولة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أشكر جميع القائمين على موقع إسلام ويب، دعواتي لكم بالتوفيق والسداد، لأول مرة أكتب استشارة، وذلك لعجزي عن اتخاذ القرار الصحيح، ولا أعلم من أين أبدأ، ولكن يجب أن أوضح وضعي حتى أحصل على استشارة جيدة.

أنا امرأة متزوجة منذ 9 سنوات، وأم لطفل في الثامنة، وطفلة في الثالثة والنصف، شخصيتان مختلفتان، ابني كان هادئا جدا ومطيعا ومسالما، وفي قلبه رحمة، لا يحب أن يضرب أو أن يؤذي أحدا، لدرجة لو ضربه أحد في المدرسة لا يشتكي لمعلمه، حتى لا يعاقبه المعلم، ويقول: لقد سامحته.

المشكلة أن ابني تغير، وبدأ يكذب ويخيف أخته، كأن يدخلها في غرفة مظلمة، وبدأ يهمل دروسه، ولا يصلي، وكان محافظا على صلاته، وقد يئست منه لدرجة أنني وصلت لمرحلة الضرب، وأنا من الأشخاص الذين يكرهون الضرب، ولا أعامل أولادي بالضرب.

أخاف أن يتغير ابني ويصبح مثل والده، فأبوه مهمل في صلاته، لدرجة أنه يتوضأ ويطلب من أبيه أن يصلي معه فيرفض أبوه ذلك، ويتعذر بألف عذر، وهو شخص غير مسؤول، فمسؤولية التربية كاملة تقع علي، لدرجة أنه لا يعلم ما درجة ابنه أو مستواه في المدرسة، وأحيانا يذهب إلى مدرسته بعد أن ألح عليه وبعد مشادات ومشاحنات، فيتفاجأ أن ابنه يتم مكافأته على حسن أخلاقه أو على تفوقه، وهذا ما يحزنني، فقد تأثر ابني من إهمال والده، وقد سأله ذات مرة: هل أخذت شهادتي يا أبي؟ فإذا به يلتفت إلي ويسألني إن كنت قد أخذتها أم لا، فغضب ابني!

وما يقلقني أن يكبر طفلاي وهما يصرخان على والدهما، وهذا ما أراه، فعندما أتدخل وأغضب عليهما، وأقول: عيب احترما والدكما، يرد هو ويقول: إنهما يلعبان معي، فلا يحترمانه أبدا، حتى وإن رفض أمرا، فإنهما يطلبانه مني.

هذا الأمر أتعبني كثيرا، وألاحظ أنه بدأ ينعكس علي، وأقلق كثيرا، فسوف يأتي يوم ويكبر ابني، وسيعلم أنني لا أستطيع أن أحاسبه أو أن أسيطر عليه، وسيخرج مع رفاقه، والأب غير مسؤول وغير مهتم، ودائما يقول: اتركي الأمور على البركة، هناك أمور لا أستطيع شرحها سوى باستشارة خاصة.

ولكن الأمر المهم الآن أنني لا أريد أن أعامل أطفالي بالضرب أو الانتقاد، ولكنني لا أستطيع؛ لأنهما يرونه قدوتهما ويقلدانه، وحتى عندما أعاقبهما بحرمانهما من الألعاب، يذهب بهما ويشتري لهما، وكأنه يتعمد أن يفسدهما، أرجو من الله أن يلهمني حسن التصرف، وأن يجعلكم سببا لتنوير بصيرتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Om Ahmed حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونتشرف بخدمة أبنائنا وبناتنا، ونتمنى أن لا تترددي في طرح كل ما في نفسك، وإذا تقدمت بسؤال فيه خصوصية فاطلبي حجب الإجابة، ولن يراها أحد سواك، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يقر عينك بصلاح زوجك وطفليك، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

لا تظهري الانزعاج، ولا تعلني الضعف والعجز، ولا تضربي طفليك، واستعيني بالله، واجعلي القدوة لطفليك رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، وأطفال الصحابة، ورسخي في نفوسهما القيم، ولاطفيهما، وتواصلي معهما جسديا باللمسات والقبلات، وكوني لهما قدوة حسنة، وسوف تكسبين طفليك -بحول الله وقوته- وعندها سوف يكونان أطوع لك من بنانك.

أما زوجك فلا تحاوريه أمامهما ولا تجادليه، واستمري في تعظيمه في أعينهما، والتمسي له أمامهما الأعذار، فإذا خلوت به فعاتبيه وناقشيه في لطف، وشجعيه على التواصل مع الموقع ليستمع بنفسه، ويأخذ التوجيهات من الخبراء، فمن الرجال من لا يتأثر إلا بكلام الرجال، كما أن التوجيه الخارجي أدعى للقبول، ونسأل الله أن يعينه على طاعة الله واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وإذا تأثر طفلاك بكلامه وتصرفاته، فوضحي لهما أن قدوة الجميع هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع ضرورة أن يكون ذلك في منتهى اللطف والحنكة، ورغم تقديرنا لصعوبة المهمة إلا أننا على قناعة بأن الأم المهتمة الحريصة سوف تكسب الجولة -بحول الله وقوته- واعلمي أن طفلك في سن الاستقلال، وسوف يدخل إلى مرحلة البحث عن المكانة، وهذه فرصة كبيرة لتربيته على التميز، ثم تأتي بعدها مرحلة التلقي الثقافي، والتحكم في العواطف والانفعالات، وهو في هذه يعرف عواقب التصرفات، ويربط الأمور بنتائجها، ويلقي اللوم على نفسه إذا قصر، وعليه فالسنوات الثلاث القادمة فيها فرصة كبيرة للنجاح -بحول وقوة ربنا الفتاح-.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليك بالصبر فإن العاقبة لأهله، وركزي على الإيجابيات لتكثري ولا تضخمي السلبيات، حتى لا تترسخ وتزيد، وسلطي الأضواء على ما في زوجك من إيجابيات، واجعليها مدخلا إلى قلبه.

نسأل الله أن يعينكما على الخير، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً