الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة عيني وتحكّم أبي أثّرا عليَّ نفسيا واجتماعيا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب عمري 23 سنة، والحمد لله بصحة جيدة، ومشكلتي تتلخص في نقطتين:
أولا: ولدت وجئت إلى هذه الدنيا وعندي مشكلة في عيني، وأبصر بواحدة، والحمد لله على كل حال، وطبعا منذ الصغر وأنا أتعرض لمضايقات من أصدقائي، أو من أي أحد أتعامل معه، وكنت أتهرب من أن أتعامل مع الناس، وغير مركّز في الكلام الذي يقوله الشخص الذي قدامي؛ لأن عقلي مشغول: هل سيلاحظ عيني أو لا؟ وأصبحت متسرعا، وحاولت أن أعمل أي عملية تجميل، ولكن دون جدوى، وأسأل الله أن يتقدم الطب أكثر حتى يشفيني.

ثانيا: والدي ذو شخصية قوية، وكان يتحكم في كل شيء في حياتي، وكاد أن يلغي شخصيتي، وكنت أخاف منه جدا.

هاتان المشكلتان أثرتا على نفسيتي منذ الصغر، وآثارهما لا زالت موجودة حتى الآن، وصرت شخصية انطوائية أميل للعزلة، وقلقا، وخوافا، وقليل الكلام، ومتسرعا، وعندما أتعرض لأي موقف حتى ولو بسيطا؛ أجد قلبي يخفق بشدة لاإراديا، كل هذا يجعلني غير مركّز في شغلي، ولا في حياتي، حتى أني خائف أن أقبل على الزواج.

أريد منك النصيحة لعلاج حالتي؟ وإذا كان هناك عقاقير أو شيء أرجو أن لا تكون ذات آثار جانبية.

ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا على هذا الموقع.

لا شك أن الإنسان إنما هو نتيجة الظروف والبيئة التي يعيش ويتربى فيها، ومن الواضح أن الظروف التي عشتها أنت سواء فيما يتعلق بشخصية الوالد، أو الرؤية بعين واحدة، وحساسيتك من هذا الأمر، لا شك أنها كوّنت عندك الشخصية والطباع والسلوكيات التي ذكرتها في رسالتك، أعانك الله وخفف عنك.

أنت الآن في 23 من العمر، أي أنك تجاوزت مرحلة المراهقة الحساسة والمتعبة جدا، وخاصة التكيّف الاجتماعي، وبالذات مع الموضوعين اللذين ذكرت في رسالتك، والمفروض منك الآن أن تكون قد وصلت إلى حالة من الاستقرار النفسي، والتكيّف مع ظروفك وشخصيتك وتفاصيل حياتك...، نعم سيبقى عندك شيء من الحساسية، إلا أنه بالمجمل فقد تجاوزت الفترة الحرجة جدا، وربما لذلك كتبت إلينا في هذه المرحلة.

إن خلقك لم يكن بإرادتك، وإنما هي إرادة الله تعالى، والناس يعرفون هذا، وإن كانوا يتناسونه أحيانا، فاعتراضهم عند النظر إليك ليس عليك، وإنما هو اعتراض على خلق الله تعالى، فحاول أن تفكر في هذا؛ فهو سيخفف عنك بعض المعاناة النفسية.

وفي موضوع الزواج، مَن مِن الناس ليس لديه عيب ما مادي جسدي، أو نفسي معنوي؟!

ولا شك أن الزوجة ستعجب بك ليس لشكلك فقط، وإنما لخلقك وشخصيتك واستقامتك ونضوجك، وربما حساسيتك النفسية، وتعاطفك مع مشاعر الآخرين، وهذه النقطة الأخيرة هامة جدا في نجاح العلاقة الزوجية، وربما معاناتك في موضوع العين قد وهبتك تعاطفا طيبا مع مشاعر الآخرين، فأنت لا شك تقدر حساسية ومشاعر الآخرين، وهذا من الأمور الهامة التي تسعد الزوجة، وليس الرجل المكتمل الخلقة إلا أنه القاسي القلب، والذي لا يتعاطف ولا يشعر بمشاعر الناس من حوله!

وإذا أحببت ورغبت، فهناك نظارات قريبة من النظارات الشمسية الخفيفة اللون، والتي تغطي شيئا مما لا تريد لكل الناس أن يروه، وهي في نفس الوقت لا تعيق رؤية الأمور ومتابعة أعمالك المختلفة، ولا مانع أيضا من متابعة تطور الجراحة الطبية والتجميلية عندما تسنح لك الفرصة.

فامض على بركة الله، واستعن بالله ولا تعجز، كما قال الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً