الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأت وارتكبت معصية في حق ربي، فهل سيتقبل الله توبتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة عادية، لست متدينة، ولكني أحب ربي، كنت على علاقة مع شاب لمدة طويلة، ولكنه تركني مؤخرا، فأصبحت حزينة جدا، أبكي كل ليلة، ونادمة على كل معصية ارتكبتها في حق الله، ولا أستطيع أن أبوح لأحد بذلك، ولا أريد شيئا غير أن يسامحني الله ويغفر لي ذنبي.

مع العلم أني حلمت بأني حائض واغتسلت، فلما قرأت تفسيره وجدت بأنه يدل على أن المرأة قد تابت وذهب همها، والله أعلم.

ساعدوني أرجوكم، لقد تعبت حقا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإني أحمدُ الله تعالى أن خلَّصك من هذه العلاقة المحرمة، وأحمدُ الله تبارك وتعالى أن قد أعانك على ترك هذا الذنب، وعلى الشعور بالندم عليه، وأتمنى أن تكوني قد عقدت العزم فعلاً على عدم العودة لهذه المعصية، لأن التوبة كما تعلمين لها أركان، من أهمها:
1- الإقلاع عن الذنب.
2- الندم على فعل الذنب.
3- عقد العزم على عدم العود إلى الذنب.

فإذا مَنَّ الله عليك بهذه الأركان الثلاثة، فإن توبتك تُعتبر توبة نصوحًا، أما أن يكون هو الذي ترككِ، أو قد تكونين تركتِه لأي خلاف دنيوي فهذه لا تكون توبة، وإنما التوبة أن نترك الذنب حياءً من الله، ومن أجل الله تعالى، وخوفًا من الله.

فمجرد ترك المعصية لا يكون توبة، وإنما يكون اسمه (توقف عن المعصية) معنى ذلك أن المعصية قد توقفت، ولكن التوبة لم تتحقق، والتوبة هي التي تُعطيك أجر التائبين، ولذلك أقول:

توبي إلى الله تعالى، واعقدي العزم من قلبك على أن تتركي المعصية حياء من الله، وليس لأي شيء آخر، ثم بعد ذلك الندم على فعلها، وعقد العزم على ألا تعودي إليها، والرؤيا التي رأيتها ما دمتِ قد قرأت أن هذا الأمر فيه فرج بالنسبة لك، وأن الله قد قبل توبتك فهذا حسن، ولكن العبرة بما هو آتٍ، العبرة هو أن تحافظي على الوضع الذي أنت عليه، وألا تندمي على أنك تركتِ هذا الشاب، لأن ندمك على ترك المعصية معناه أنك لست تائبة، وإنما تندمي على هذه المعاصي التي وقعت منك وهذه التجاوزات، وتحمدي الله أن الله أطال في عمرك وأعطاك فرصة لتتوبي إليه وترجعي، فهذه نعمٌ عظيمةٌ فحافظي عليها.

ثم بعد ذلك الندم لا بد أن يكون ملازمًا لك حتى لا تقعي في ذنب آخر، واعقدي العزم ألا تعودي لهذا الذنب مع هذا الشاب ولا مع غيره، وبإذنِ الله تعالى سيغفر الله لك ويتوب عليك، لأن الله تبارك وتعالى وعد أن (من تاب تاب الله عليه)، وأن الله {يُحب التوابين ويُحب المتطهرين}، فاجتهدي، وبإذن الله تعالى سيمُنَّ الله عز وجل عليك بمحبَّته لك، ولعلَّه قد يتفضَّل عليك بأن يُبدِّل سيئاتك حسنات كما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {فأولئك يبدِّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا}.

فحاولي -يا بُنيتي- ولا تنظري إلى الخلف مرة أخرى، وأصلحي ما بينك وبين الله تعالى، وأغلقي كل أبواب الفتن والمعاصي التي يدخل الشيطان منها إلى قلبك، واحرصي على ما ينفعك، واستعيني بالله ولا تعجزي، وأبشري بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً