الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعافى من مرض السحايا وصار يتصرف تصرفات غريبة، ما الحل المناسب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أصيب خالي البالغ من العمر (71) بمرض السحايا قبل بضعة أشهر, ولقد تعافى -والحمد لله- لكنه بدأ يتصرف تصرفات غريبة لم يكن يفعلها من قبل, فقد أصبح شديد الغضب, يغضب بشكل مخيف على كل صغيرة وكبيرة, وحتى أنه قد يغضب من جماد (فمثلا يغضب من السكين عند تقطيع الفواكه, مع العلم بأنه يقطعها بشكل صحيح).

أصبح ينسى الأحداث والأشخاص، ولكن أحيانا قد يتذكرهم, وقد روت ابنته لنا قصة غريبة عنه؛ حيث إنهم ذهبوا بالسيارة إلى المتجر؛ للتبضع, وبعد الانتهاء خرجوا ليركبوا بالسيارة, فركبت ابنته, أما هو فبقي واقفا أمام السيارة يحدق بها بشكل مخيف, فنزلت ابنته وقالت له: ما بك؟ لمَ أنت واقف هكذا؟, فقال -وهو يشير إلى الشارع المقابل-: أمي وأختي ينتظرانني هناك. فقالت له: لا يوجد أحد هناك. وحاولت سحبه؛ ليركب السيارة، لكنه رفض وقام بدفعها, وبعد المحاولة والنزاع الطويل, ركب في السيارة وعاد لطبيعته؛ حيث إن ابنته قامت بسؤاله بضعة أسئلة وأجاب عليها بشكل طبيعي, وعادوا للمنزل وكأنه لم يحصل شيء.

يقوم بقراءة القرآن يوميا -والحمد لله-, لكنه أصبح يفهم الآيات والأحاديث بشكل خاطئ حسب عقله وتفكيره, ويقوم بنزاع من حوله لإثبات رأيه في مواضيع دينية أو دنيوية، ويستدل بهذه الآيات والأحاديث, ويغضب بشكل كبير عند النقاش, وحتى مع من يقف في صفه.

نحن متأكدون بأنه سيرفض زيارة الطبيب النفسي أو حتى أي طبيب, فاقترحنا اللجوء لموقعكم؛ لإيصالنا إلى حل؛ لأن منزل خالي أصبح مليئا بالخوف والتوتر, ونرجو من الله تعالى أن يشفيه ويعيد لمنزله المحبة والمودة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كنت أتمنى لو أعطيتني معلومات أكثر عن مرض السحايا الذي أصيب به خالك:

• ما هي الأعراض التي كان يشكو منها؟
• وما هي الفحوصات التي أُجريت له، خاصة: هل أجريت له أشعة مقطعية للدماغ؟ أو رنين مغناطيسي؟
• وماذا تعني بكلمة (شُفيَ منها)؟

فهذه المعلومات ضرورية؛ لكي نحاول تفسير ما يحصل الآن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فخالك الآن عمره واحد وسبعون عامًا، والأعراض التي تتحدث عنها هي تغيرات سلوكية عند خالك واضطرابات في الذاكرة، وهذه عادةً يكون منشؤها عضويًا، إمَّا أن تكون لها صلة باضطراب الخلايا التي ذكرتها، أو طالما أن عمره واحد وسبعون سنة قد تكون بداية لمرض الخرف (الزهايمر Alzheimer's)، هذا ممَّا لا يدع مجالاً للشك، فإنه في البداية قد يبدو في شكل اضطرابات سلوكية واضحة، وفقدان الذاكرة، وصعوبات في الشخصية وفي الملكات الذهنية.

وأرى أنه لا بد من عرضه إمَّا على طبيب المخ والأعصاب، أو طبيب نفسي، وطالما أنه فاقد الشخصية، فيمكن بطريقة ما التحايل عليه بأي صورة من الصور؛ لعرضه على طبيب، وإلا فإنني أقترح شيئًا آخر، هو: أن تحاول أن تتحصَّل على كل الفحوصات التي أُجريتْ له، وتقابل بها طبيبًا للمخ والأعصاب، أو طبيبا نفسيا؛ لتشخيص حالته؛ لأن هنا التشخيص هو الذي يؤدي إلى العلاج الصحيح.

إنني أقدِّر موقفك، ولكن لا أستطيع أن أصف له أي دواء، والصورة غير واضحة بالنسبة لي، هل ما يعاني منه له صِلة بالتهاب السحايا؟ أو هل هي بداية لمرض الخرف أو ما يعرف بمرض الزهايمر؟ لأن هذا ضروري لنُصحك وإرشادك، ومن ثمَّ إعطاء العلاج الملائم له.

ولكن بصورة عامة فيجب أن يكون في غرفة مُضاءة إضاءة واضحة، وألا يتعامل معه أشخاص عديدون، فلنحدِّدَ شخصًا أو شخصين في العائلة يتعاملون معه بصورة واضحة، وأن يُذكَّر يوميًا باليوم والتاريخ (مثلاً)، وأن يعيش بطريقة محدودة، ولا يُعرَّض لضغوط اجتماعية -مثلاً- أو زياراتٍ من أشخاص عديدين؛ حتى لا تُسبب له مشاكل في تذكُّر الناس ومعرفتهم.

وفَّقك الله، وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات