الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من عدم نجاح أموري مع أني أدرسها وأخطط لها!

السؤال

السلام عليكم

علماءنا الكرام، أود أن أطرح عليكم أمراً يستمر بالحدوث معي، يتعلق بتمام العمل بشكل عام, حيث يكون لدي أمر ما علي القيام به, فأقوم بالعدة المناسبة لذلك، والتخطيط السليم، والتوكل على الله, فتسير الأمور على ما يرام، وشكل سليم, ثم فجأة تحدث ظروف فتذهب التعب والخطط والجهد أدراج الرياح, خاصة عند آخر خطوة, يحدث شيء ما, أو ظرف أو حتى حالة نفسية بما يتسبب بأضرار كثيرة علي وعلى ما أقوم به، لماذا لا تتم الأعمال معي على خير ما يرام، ويحدث دائماً ظرف يخرب العمل ويذهب الكد والجهد والتخطيط؟!

دعوت الله تمام الأعمال والخير والتوفيق إلا أن المتاعب لا تزال مستمرة بالحدوث معي، ولا تتم الأمور على خير, ليس لأنني أقول: إن الله لم يستجب لي, فإن الله أعلم أيجيب دعوته أو يتركها إلى حين, ولكن الأمر هو أنني سئمت من تكرار هذا الأمر معي, مع أن الأمر يكون يسيراً على ما يرام، وبفهم وتخطيط ووعي, وتجد أناساً يسيرون على جهالة لا يميزون بين ناقة وجمل تتم الأمور معهم!

هل هو عذاب مثلاً أو بلاء يجري معي أم ماذا؟ أقوم بالأمر جيداً ثم آخر الأمر يأتي ظرف أو حالة نفسية، وتأتي النتائج حاملة معها الخيبة والحسرة، وعندما أنظر في النتائج والأعمال كأنني أنظر إلى شخص آخر كان يعمل أو كأني كنت منوّماً وأفعل أموراً لم أكن أريدها، وكأن هناك من يحركني لآتي بالحسرات على نفسي، حتى وصل الأمر بي إلى حالة نفسية محطمة، وأصبحت أشك بما أقوم به، وأصبت باليأس والإحباط والحزن والهم والغم.

أعاني من حظ عاثر وسيئ مستمر, وأرى أشخاصاً تسير معهم الأمور بخير، ويجعلون الأمور تسير على الحظ دون تعقل وفكر، ويفلح الأمر, وأنا لا أحسدهم، بل أسال الله لهم البركة، وأن يكون لي مثل هذا أيضاً.

لماذا لا تسير الأمور جيداً؟! أفيدوني بهذا، وأوجدوا حلاً لمشكلتي، يرحمكم الله، وأسألكم أن تشركوني بصالح دعائكم، وتدعوا الله أن يرفع عني كل هم وغم وضر أصابني, عسى الله أن ينفعني بدعائكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلم أن كلما يدور في هذا الكون يسير وفق قضاء الله وقدره، ولا يتخلف عنه، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وليس كل ما تخطط له وتنفذه تفشل خططك فيه، نعم هنالك بعض الخطط تفشل، وهذا أمر طبيعي، فالمخطط حينما يخطط لا يعلم الغيب، ولا يدري هل ستنجح تلك الخطة أم ستفشل؛ لذلك لا بد أن يكون عندك خطط بدائل، أو ربما سبب ما يحصل معك أنك لا تخطط في بعض الأحيان بشكل جيد فتخطئ في خطوة من الخطوات فينتج عن ذلك فشل التخطيط، ومن هنا تحتاج إلى إعادة النظر في خطتك، بل إنك تحتاج إلى تقييم مرحلي لمخططاتك حتى لا يكبر الفشل، لأن ما بني على خطأ فسيكون خطأ مثله ولا شك.

الله تعالى لطيف بعباده، فمن ليس عنده علم وإدراك بالتخطيط قد يلطف الله به أكثر لقوة توكله على الله، أما من عنده علم بالتخطيط فإنه وإن كان الله يعينه ويوفقه إلا أن قوة توكله ليس بنفس قوة ذلك الذي لا علم له بالتخطيط، وتدبر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً) فهل توكل الإنسان الذي وهب الله له العقل كتوكل ذلك الطير؟ والسر هنا فارق التوكل وكلهم من عباد الله.

استمر بالدعاء فالدعاء عبادة، وقد وعد الله الداعين أن يستجيب لهم، فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) هذا إذا توفرت فيهم شروط الاستجابة، وانتفت عنهم الموانع.

كن على يقين أن العبد إذا دعا ربه فإنه إما أن يستجيب له أو يدخرها له ليوم القيامة أو يصرف عنه من السوء مثلها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) قالوا: إذاً نكثر. قال: (الله أكثر).

أحيانا يصر البعض على عمل معين ويحاول ويحاول، ولكن دائماً ما يفشل في ذلك العمل، وتذهب خططه أدراج الرياح كمن يشتغل بالتجارة مثلاً، ففي كل مرة يفشل ويخسر، وكأن هذا العمل لا يناسبه، ولم يخلق له، لكن الخطأ أن يستمر هذا الإنسان في هذا العمل ولا يغير إلى مهنة أخرى، فلو غير لوجد أن أموره تسير بشكل طيب، فلم لا تغير عملك؟ فالله تعالى لم يضيق عليك أبدا قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).

سادسا: أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهما من أسباب تفريج الكروب والضوائق كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له اجعل لك صلاتي كلها قال له: (إذا تكف همك).

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً