الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي أبي فأصبت بخوف ووساوس وأعراض أخرى، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع.

أعاني منذ أن كان عمري (12) -بعد وفاة أبي بالتحديد- من انطوائية وخوف، وبعدها ذهبت لطبيب نفسي، وصف لي دواء، وارتحت قليلًا، وبعدها لم أراجع الطبيب؛ لرفض أمي، وبعدها أصبحت كثيرة النسيان، والآن عمري (25) وزواجي بعد شهرين، وأخاف دومًا، ولا أستمتع بوقتي، وأقول في نفسي: سأموت الآن.

حالتي تأتي فجأة وتذهب: خفقان في القلب، وبرودة في الأطراف وكأني سأموت، وأفقد السيطرة على عقلي لدرجة أني أقول: من أنا؟! وما هذه الحياة؟ وكيف هذا؟ حتى إنني لا أستطيع أن أرى نفسي في المرآة؛ لحالة الاستغراب.

ذهبت لشيخ وقال: وساوس في النفس. أنا خائفة جدًا، ودائمًا أحلم أحلامًا وأفسرها، وكلما أحاول أن أتجاهل الأفكار؛ أتعب أكثر وأكثر، وأقول: إن هذه الحالة تأتي لأن أجلي قريب! وأتعب زيادة، وأفعل أمورًا في اليوم وإن لم أكررها، وأقول: سيحدث ضرر علي، مثل أن أفتح المصباح ثلاث مرات كل يوم، ولو لم أفعل هذا الحد أخاف.

أرجو الإفادة في حالتي، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Esraa حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وفاة الوالد في سِنٍّ مبكرة تُعرِّض الشخص أحيانًا للشعور بعدم الأمان والطمأنينة، وقد تُعرِّضه في مقتبل حياته لنوبات اكتئاب. هذا من ناحية.

أما ما تشعرين به الآن فهو أعراض قلق وتوتر -ولا شك في ذلك-، من أعراض جسدية مثل زيادة خفقان القلب، والآلام المختلفة وبرودة الأطراف، وأعراض نفسية مثل نوبات الهلع والمخاوف الوسواسية، مثل -كما ذكرت- لا زلت تفعلين أشياء معينة، أو أن شيئًا ما سيحدث، أو الإحساس بأنك ستموتين في وقتٍ مُحدد، والإحساس بالغرابة والغُربة...، كل هذه الأشياء أعراض للقلق وللتوتر النفسي، وإني أرى في حالتك أن هذه الأعراض مرتبطة بمناسبة الزواج، فمن المعلوم أن الزواج عند الفتاة بالرغم من أنه فترة سعيدة تتمناها كل فتاة إلَّا أنه أيضًا في الجانب الآخر يكون مصدر ضغط نفسي وتوجُّس عند الفتاة وعدم اطمئنان، والخوف من الانتقال من بيت الأسرة والحماية إلى الحياة الزوجية والمسؤولية، وهذا ما سبَّب لك هذه الأعراض، وإن شاء الله تعالى تتجاوزينها كلها.

كل المطلوب الآن عليك هو محاولة الاسترخاء، خاصة الاسترخاء العضلي، إن أمكن إجراء تمارين رياضية في بيتك، ولتكن جزءا من استعدادات الزواج، أو حتى عمل مساج لراحة أعصابك، يكون به فائدة لجسدك وفائدة لنفسك؛ لكي تشعري بالاسترخاء العضلي، فإن هذا يُقلل كثيرًا من التوتر والقلق الذي تعانين منه.

لا أرى أنك تُعانين من شيءٍ مُخيف أو شيءٍ مُقلق بدرجة كبيرة، ولكن إذا كان لا بد فيمكنك تناول -مثلاً- دواء (إندرال Inderal) والذي يعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranlol) عشرة مليجرام -إذا كنت لا تعانين من الربو- ثلاث مرات في اليوم، يُقلل من الخفقان وزيادة ضربات القلب، وليس له آثار جانبية كثيرة.

وإلا فالاكتفاء بجلسات الاسترخاء التي ذكرتها من تمارين رياضية أو مساج، أو الاستعانة بالتحدُّث مع صديقة من صديقاتك، ومشاركتها مخاوفك وآمالك وطموحاتك؛ فإن هذا يُخفف كثيرًا عليك.

نتمنى لك حياة زوجية هانئة ومستقرة. وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً