الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رأيت مرض أختي فشعرت بأعراض مختلفة في جسمي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أشكركم على حسن ما تقومون به سائلاً الله -عز وجل- أن يرزقكم الإخلاص في القول والعمل، وأن يرزقكم اتباع خطى رسوله.

أنا شاب أبلغ من العمر (24) سنة، ووزني (74) كلغ، ومشكلتي بدأت قبل (3) سنوات و(3) أشهر عندما كنت منهك القوى؛ جراء القيام بعمل ترميم في المنزل، ومباشرة بعدها أجريت امتحاناتي الجامعية خلال أسبوع مضغوط، وعند إتمام الامتحان بيومين مرضت أختي الكبرى، ولما رأيت حالتها من بكاء؛ أحسست بانقباض في فم المعدة، وتقيأت مباشرة، ولزمت الفراش لمدة شهرين، وترددت خلالها على طبيبين: باطني وطبيب قلب، وطبيب عام، وأكدا لي بعد فحوصات وتحاليل أني سليم، وأنها مجرد حالة قلق عابرة.

وأعراضي تتمثل في خفقان في القلب، وعلى مستوى فم المعدة تقريبا دائما، وخفقان أعلى السرة، وعلى مستوى اللوزتين، وفي أماكن متفرقة من جسدي (الفخذين والأكتاف) وإحساس بتعب دائم، وغازات بعد القيام من النوم، وكذلك حرارة في الظهر والذراعين، وخط ألم طولي عند الضغط على عضلات الصدر، وعندي أيضا ألم على شكل حرقة خفيفة تحت عظم الكتف الأيمن تزداد إذا كنت صائما أو جائعا.

أيضا لدي مشاكل مع القولون دائما وعند أكل أي شيء، فإذا ساءت حالة القولون؛ تسوء حالتي النفسية، والعكس صحيح، وأشعر كذلك بعدم الراحة حتى أتغوط، وشكل الفضلات يكون لونها مائلا إلى الأصفر، وتلتصق بجدار المستقيم حتى أقوم بنزعها بأصبعي، وتكون بين الإسهال والإمساك، ووزني لم ينقص، بل زاد -على حسب ما أظن-.

أما بالنسبة للحالة النفسية، فأحس أن القلق عندي في فم المعدة، كما أشعر باكتئاب دائم لكنه -غالبا- يكون خفيفا، كما أعاني من وسوسة وتشاؤم مما سيكون في المستقبل (الزواج، والعمل) ودوما عند الإقدام على أي عمل تنتابني وساوس على حسب حجم العمل، فمؤخرا عرض علي أحد الإخوة فتاة للزواج، وعند التفكير في الموضوع أرهقت ومرضت كثيرا، حتى نزعت الفكرة من رأسي؛ فارتحت.

وعند القيام بأي عمل يلزمني مجهود نفسي للقيام به؛ لأني أشعر أني غير قادر على إتمامه، وأميل إلى القعود عن العمل كثيرا، وعند القيام بأي عمل -حتى ولو مجرد التحدث مع الأصدقاء- أراقب نفسي؛ هل أنا في حالتي الطبيعية؟ هل هكذا كنت من قبل؟ حتى أجد نفسي غضبان لشعوري أني لست على سابق عهدي، وفكرة الالتزام بأي مسؤولية تخيفني، وتشعرني أني لست قادرا عليها، وعندما تأتيني الحالة لا آكل، وأنزعج من التواصل مع الناس فأغلق الهاتف، ولا أخرج إلا للمسجد أو حاجة ملحة، وأنام كثيرا فوق (10) ساعات أحيانا، مع نوم متقطع نوعا ما في الليل، علما أن نومي يبدأ بعد منتصف الليل.

سمعت أن الأدوية النفسية كفيلة بعلاج مشكلتي التي أعلم أنها بسيطة لكنها دائمة، وتتفاوت من فترة لأخرى، علما أن ذاكرتي وتركيزي قوي لم يتأثر بمرضي، فمثلا: حافظتي ممتازة لدرجة أني أحفظ ثلاثة أرباع في اليوم إن كان يومي فارغا، وإن أردت ذلك، وأخاف أن يؤثر الدواء على نباهتي وسرعة بديهتي التي أمتاز بهما، كما أني أحس أن مرضي يتفاقم؛ فالعام الأول أسوأ من الثاني، والثاني أسوأ من الثالث.

أرجو أن ترشدوني إلى ما يجب علي فعله، ومدى استجابة حالتي للعلاج؛ لأني مقبل على خطبة فتاة، وأخاف من موضوع الارتباط والمسؤولية، كما أشعر أني غير كفؤ وسأظلمها معي، ومللت من سياسة الهروب؛ وجهوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأشكرك على كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.

أيها الفاضل الكريم: لقد تدارستُ رسالتك بدقة وتمعن، والذي وصلتُ إليه هو أنك تعاني من حالة نفسوجسدية، أعراضك الجسدية متعددة، ومعظمها يتمركز حول الجهاز الهضمي، مع وجود انقباضات عضلية تُسبب لك الآلام الجسدية، وتسارع ضربات القلب قطعًا سببه القلق والتوترات، كما أن الشعور بالإنهاك وعدم الفعالية قطعًا سببه قلق المخاوف الذي تعاني منه.

إذًا أنت تعاني من قلق المخاوف، أدَّى إلى حالة نفسوجسدية، كان التأثير في معظمه وجُلِّه على الجهاز الهضمي.

هذه الحالات منتشرة -أيها الفاضل الكريم- وموجودة، وتُسبب الكثير من الإزعاج لأصحابها، وعلاجها -حقيقة- يأتي في مُحيط الطب النفسي، ومن أهم سبل العلاج هي: السعي دائمًا لأن تعيش حياة صحية ممتازة، ومن أهم ما يمكن أن تقوم به: ممارسة الرياضة بانتظام؛ فالرياضة أُثبتَ -وبما لا يدع مجالاً للشك- أنها تقوِّي النفوس، وتقوي الأجساد، وتزيد من الفعالية الإيجابية، وتُقلل من المخاوف ومن الوساوس ومن الأعراض النفسوجسدية، وتُشعر الإنسان بأنه بالفعل يتمتَّع بصحة جيدة.

الأمر الآخر: النوم الليلي المبكر، هذا وجد أنه ممتازا جدًّا، فأرجو أن تحرص على ذلك.

الأمر الثالث -وهو مهم جدًّا-: حسن توزيع الوقت وإدارته بصورة فاعلة، بحيث لا يترك الإنسان مجالاً للفراغ والتوترات؛ لأن هذا يؤدي إلى كثير من الوسوسة المرضية.

النقطة الأخيرة وهي: أن الأدوية المضادة للمخاوف وللقلق والمُحسِّنة للمزاج مفيدة جدًّا، ومن الأدوية التي سوف تفيدك كثيرًا عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat CR) أو (ديروكسات Deroxat CR) هكذا يسمى في الجزائر، ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، والجرعة التي تحتاجها جرعة صغيرة جدًّا، وهي (12.5) مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم (12.5) مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم (12.5) مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر.

الدواء دواء سليم وبسيط وغير إدماني، والجرعة التي وصفتها لك جرعة صغيرة، كما أن مدة العلاج مدة قصيرة.

وأنا -حقيقة- أفضل أن تُدعم الديروكسات بدواء آخر بسيط جدًّا يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) والجرعة هي نصف مليجرام، تتناولها صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم نصف مليجرام (حبة واحدة) تتناولها في الصباح لمدة شهرٍ آخر، التفاعل والتظافر ما بين الدوائين قطعًا نتائجه سوف تكون رائعة جدًّا.

أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك ما يمنعك على أن تتقدم لخطبة الفتاة، وأسأل الله تعالى أن يجمع بينكما على خير، والزواج قطعًا فيه المودة والسكينة والرحمة، أريدك أن تكون أكثر فعالية، وأريدك أن تكون لك برامج مستقبلية تُحدد -إن شاء الله تعالى- من خلالها مستقبلاً مُشرقًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً