الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق النفسي فما سببه؟ وما علاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة جامعية، عمري 20 سنة، أريد منكم تفسيرا لحالتي جزاكم الله خيرا، أحس بقلق شديد غير مفسر، نبضان شديد في قلبي، واختناق، وتنفس سطحي، وتفكير مستمر لا أعرف مصدره، أهاب المواقف، وأحس أنها تتكرر معي.

وكلما تعرضت إلى موقف ما أتجنبه لأنني أصاب ببرودة، واختناق، وتعرق، وخفقان شديد في قلبي، وحرارة، وتعرق، وأحس أنني لا أستطيع التحكم في دماغي، فعندما أتذكر يظهر وكأنني أعيش اللحظة مرة أخرى، لا أحب تذكر الماضي، وأهاب التفكير في المستقبل، ولا أحب التعرض لهما كلما أصبت بالإحباط، وأحس بمغص مستمر، وقلة في التركيز وأنني فاقدة الذاكرة.

تظهر عندي هذه الأعراض خاصة أيام الامتحانات، فأصاب بقلق غير مفسر، وأختنق ولا أستطيع التذكر مع إدراكي العميق أنه لا يوجد شيء للقلق، ولكن أحس أنني لا أستطيع التحكم فيه، أحس بمراودة الأفكار المستمرة، أحب أن أكون وحدي معظم الوقت، لا أحب التجمعات، أنفعل لأتفه الأسباب وأقول ما لا أقصد، حتى أنني صرت أحس أنني لست أنا مطلقا كأنني شخص آخر، قرأت مؤخرا عن القلق النفسي العام (gad)، وأن المخ يفرز مادة تسمى الأدرينالين، وأن منطقة من المخ تنشط ومصدر هذه الأفكار، فهل ما أصاب به مرتبط بالقلق النفسي العام؟ إذا نعم فبماذا تنصحونني، أو ما هي الأدوية المناسبة لذلك؟ فهل أتناول دواء الديناكسيت أم البرازولام أم ماذا؟

أرجو منكم تفسيرا لحالتي، فحقيقة أنا أعاني منذ مدة طويلة، وأحس بعدم التحمل كأن رأسي سينفجر من التفكير، وقلبي سيتوقف، وهل أذهب لطبيب الأعصاب أم ماذا؟

أرجو الرد، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

الأعراض التي تعانين منها بالفعل هي أعراض القلق النفسي العام، لديك كل المكوِّنات التشخيصية للقلق النفسي العام، والذي يظهر لي أن شخصيتك في الأصل تحمل سمات وصفات القلق، وهذا جعلك أكثر عُرضة وقابلية واستعدادًا لأن تقلقي لأقل المواجهات أو الظرف الاجتماعي السلبي.

إذًا أنت لديك مُركَّب قلقي، شخصية قلِقَة، يُضاف إلى ذلك سرعة استشعار القلق في المواقف الحياتية المختلفة.

أيتها الفاضلة الكريمة: الحالة -إن شاء الله تعالى- ليست حالة صعبة، ويجب أن تعرفي أن القلق هو طاقة نفسية إيجابية، والإنسان الذي لا يقلق لا ينجح، الإنسان الذي لا يقلق لا يُفكِّر في مستقبله بصورة إيجابية، الإنسان الذي لا يقلق لا يفيد نفسه ولا يفيد الآخرين، لكن القلق يجب أن يكون قلقًا إيجابيًا وليس قلقًا سلبيًا، ففكِّري على هذا الأساس، وهذا من وجهة نظري سوف يفيدك.

أنت محتاجة أن تُركزي كثيرًا على تمارين الاسترخاء، هذه الأعراض الجسدية الكثيرة التي تعانين منها - خاصة التنفس السطحي، والشعور بالكتمة، والضيق، وسرعة خفقان القلب والانشدادات العضلية المختلفة التي تعانين منها - هذه تستجيب للعلاج الاسترخائي، وهنالك عُدَّةُ برامج لهذا النوع من العلاج، إسلام ويب أعدَّتْ استشارة مختصرة تحت رقم (2136015)، يمكنك أن ترجعي إليها وتطلعي عليها وتسترشدين بمحتواها وتطبقي ما ورد بها، سوف تجدين فيها فائدة كبيرة جدًّا، ويمكنك أيضًا أن تتحصلي على كُتيب، أو (CD) أو تلجئي إلى بعض برامج الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

الأمر الثاني هو: عبِّري عن ذاتك، لا تكتمي، الكتمان يؤدي إلى القلق.

النقطة الثالثة: أهمية تنظيم الوقت، تنظيم الوقت يحوِّل القلق من قلق سلبيٍ إلى قلقٍ إيجابيٍ، هذا مهم جدًّا.

رابعًا: يجب ألا تهابي التجمُّعات، والمواجهة علاج أساسي في مثل هذه الحالات.

خامسًا: عليك بالنوم الليلي المبكر، لأن النوم الليلي المبكر يجعلك تحسين بالهدوء النفسي واسترخائها، ويساعد أيضًا في أن يجعل القلق قلقًا إيجابيًا.

أيتها الفاضلة الكريمة: النظرية الكيميائية للقلق معروفة، لكن لا نستطيع أن نقول أن هنالك أدلة قاطعة وصارمة وجازمة بأن كيمياء الدماغ هي التي تكون مُسبِّبة لجميع أنواع القلق النفسي، نعم هنالك نظريات حول مادة (سيروتونين Serotonin) والموصلات العصبية الأخرى، أما مادة الأدرينالين ( adrenaline) فهي مادة يتحكَّم فيها الجهاز العصبي اللاإرادي، ومهمتها أن تُحفِّز القلب في حالات التعرُّضِ للقلق ممَّا يزيد من خفقانه، وحين تزداد ضربات القلب يزداد ضخّ الدم، ويزداد تركيز الأكسجين، لأن العضلات تكون محتاجة لكميات أكبر من الأكسجين.

عمومًا العلاجات السلوكية أهم، وهي: التجاهل، الاسترخاء، التعبير عن الذات - كما ذكرنا - أما بالنسبة للعلاج الدوائي (ديناكسيت Denaxit) ربما يكون علاجًا معقولاً، تناوليه بجرعة حبة يوميًا في الصباح لمدة أسبوع، ثم اجعليها حبة صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناوله.

أما (البرازولام) فلا داعي له، بالرغم من أنه دواء جيد جدًّا لعلاج القلق، لكن يسهل التعوُّد عليه. وإنْ ذهبتِ إلى طبيب نفسي قطعًا هذا سوف يكون هو القرار الصحيح، وسوف يعطيك الطبيب مزيدًا من الإرشاد، ويُدَرِّبك على التمارين الاسترخائية، ويصف لك الدواء المناسب.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً