الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف وكره الناس لي مع أني طيب القلب!

السؤال

عندما أخرج من منزلي وأتجول في الشارع؛ أشعر بأني خائف من كل الناس! حتى عندما أذهب للمسجد أكون خائفا، بل إني عندما يكون معي طلب وأذهب لأحضره من خارج البيت؛ أشعر بهمّ قد نزل على كاهلي، وأعاني أيضا من السخرية والاستهزاء من الناس، وأشعر بأن الناس لا تحترمني، بل في الشوارع أجد الأشخاص يستهزئون بي ويقولون علي كلاما، وأشعر بأن الناس يكرهونني، ولا أحد يحبني، وأشعر بأن الله يريد أن يعاقبني على ذنوبي، فأنا شخص طيب القلب، لا أحب أن أتكبر على أحد أو أؤذي أحدا، فلماذا الناس يفعلون معي هكذا؟ لا أدري! بل إني عندما أفعل شيئا فيه خير ينقلب علي بالشر! فلماذا هذا يحدث معي؟!

أنا أصلي، وأصوم، وأقرأ القرآن، ألم يقل الله في كتابه بأنه رؤوف رحيم؟ فلماذا يصيب الله الطيبين بأنواع البلاء، ويعطي الظالمين القوة والحكم والتحكم في الناس؟

أرجو الرد، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أيهَا الفاضل الكريم: أعتقد أن الذي تعاني منه هو نوع من القلق النفسي، مع ضعف تقديرك لذاتك. أنا أحترم آراءك جدًّا لكن أقول لك: إنها ليست صحيحة، الفكر السلبي فرض نفسه عليك، وهذه الافتراضات التي تُسيطر عليك من أن الناس تسخر بك وتستهزئ بك، هذا كلام ليس صحيحًا أبدًا.
اعلم -أيها الفاضل الكريم- أن الحياة في مُجملها أخذٌ وعطاءٌ، أنت في بدايات سنين التكوين النفسي والجسدي والفسيولوجي، وهنالك متغيرات كثيرة جدًّا الآن تحدث في حياتك، ومن الطبيعي أن يكون هنالك شيء من عدم الاستقرار في هذه المرحلة، لكنه عابر ومؤقت.

أنت الآن مطالب بأشياء معينة: أن تجتهد في دراستك، أن تحرص على أمور دينك، وأن تكون بارًا بوالديك، وأن تكون لك خارطة ذهنية واضحة تُدير من خلالها حياتك، وتُفكر في المستقبل بأملٍ ورجاءٍ.

هذا هو المطلوب منك -أيها الفاضل الكريم- أما الأفكار الوسواسية والظنانية التي تعاني منها فهذه يجب أن تُحقِّرها، وأن تغلق الباب أمامها تمامًا.

هذا هو الذي أنصحك به، وقد نصحتك بذلك فيما مضى، وسوف أحوِّل استشارتك أيضًا إلى أحد الإخوة المشايخ؛ ليُسدي لك المزيد من النصح والإرشاد.

أريدك أن تتوجَّه توجُّهًا أكثر إيجابية، وتستفيد من طاقاتك؛ لتبني مستقبلاً أفضل لنفسك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عامٍ وأنتم بخير.
++++++++++++++++
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة د/ عقيل المقطري المستشار الأسري والتربوي
++++++++++++++++
فإن من فضل الله عليك أيها -الولد الكريم- أنك مستقيم على دين الله؛ تصلي، وتقرأ القرآن الكريم، وهذا شيء طيب، ومفرح، لكنني أخشى أن تكون قد مررت في بعض مراحل تربيتك في البيت أو في المدرسة ببعض الضغوط النفسية مما أدى إلى إضعاف ثقتك بنفسك، ولكنني أؤكد لك أن عندك من الصفات ما يجعلك تجتاز هذه المرحلة بنجاح بدليل أنك تبحث عن علاج لما تعانيه، لذلك كتب استشارتك إلينا؛ لإيجاد الحل، وسوف تقوم بتنفيذ الوصايا التي ستعطى لك:

أولا: أنت شاب سوي، ولا ينقصك شيء -بإذن الله- ولكنك تعاني -كما ذكرت- من ضعف الثقة بالنفس، فتعامل مع من حولك بشكل سلس وطبيعي، ولا تركز على تصرفات الناس أو تحورها كأنها موجهة إليك.

ثانيا: لا تنعزل، واختلط بالناس بشكل طبيعي، وتحاور معهم، واقض حوائجك بكل ثقة، فإن ما تعانيه هو نوع شك ووساوس لا غير.

ثالثا: التحق بأقرب حلقة لتحفيظ القرآن، وصاحب الأخيار، وستجد أن ما تعانيه يزول بالتدريج.

رابعا: اهتم بالتحصيل العلمي، وشارك الطلاب في الأنشطة الصفية في المدرسة، واجعل همتك عالية في هذا المجال؛ حتى تنال أرفع الدرجات العلمية.

خامسا: ما تعانيه هو نوع من الابتلاء مكتوب عليك من قبل أن يخلقك الله، فالله قد خلق كل شيء في هذه الحياة بقدر، قال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} وقال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) وما يبتلي الله عبده إلا لأنه يحبه قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).

سادسا: تضرع إلى ربك الرؤوف الرحيم وأنت ساجد بالدعاء أن يرفع عنك ما تعانيه؛ فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا من الدعاء؛ فإنه قمن أن يستجاب لكم) أي حري أن يستجاب.

سابعا: استمر في فعل الخير، فإن الخير لا يأتي بالشر أبدًا، ولما قال رجل: يا رسول الله أيأتي الخير بالشر؟ فصمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساعة ثم قال: كيف قلت؟ قال: قلت: يا رسول الله أيأتي الخير بالشر؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الخير لا يأتي إلا بخير).

ثامنا: لا تكثر التفكير والانشغال بهذه الخواطر، وأشغل نفسك في طريقك من وإلى السوق بسماع القرآن أو أناشيد إسلامية، فسيساعدك ذلك على إبعاد تلك الأفكار السلبية بإذن الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجد، وأن يرزقك الثقة القوية بنفسك، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً