الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصيب ابني بنوبة خوف وتخيلات، فما التشخيص الصحيح لحالته؟

السؤال

الدكتور الفاضل/ محمد عبد العليم: تحية طيبة، وبعد:

لقد أصيب ابني البالغ من العمر (20) عاما قبل شهر ونصف بحالة من الخوف الشديد، رافقتها نوبة من الهوس، علمًا بأنه طالب بكلية الصيدلة، فأصبح يخيل له بأنه مراقب ومهدد بالقتل من الجميع بما فيهم نحن، وأصبح يشم رائحة غاز غير موجود، ويعتقد أن الحكومات والمخابرات تلاحقه، وأن هناك فتاة شاهد صورتها في الفيس بوك تخبره بذلك في رأسه، وأنه يستطيع أن يرى ما في نفوس الناس بواسطة النظر في عيونهم، وكان له طاقة عالية، علمًا بأنه كان ينام ثلاث ساعات فقط، وينهض نشيطًا، ويذهب إلى الجامعة، ولم يحس بالتعب، وأصبح يتكلم كثيرًا، ولم يكن عدائيًا، ولكنه خائف جدًا، وبناء عليه تم إدخاله إلى عيادة الطب النفسي؛ للعلاج، ومكث فيها (18) يومًا، وقاموا بإجراء جميع التحاليل، وأخذ صورة طبقية للدماغ، و-الحمد لله- لم يجدوا عنده أي مرض عضوي.

هو شاب هادئ، وطيب، وذكي، ولكنه نوعًا ما لا يخالط أحدًا، ولا يدخن، وفي حاله، ويصلي في البيت، وقد بدأت عنده بعض الضلالات في المستشفى بأنه ميكائيل وإسرافيل، وغيرها، ولقد تمت مراقبته طوال هذه المدة في المستشفى.

في البداية كان تشخيصه (ذهان حاد) وبعد ذلك كان تشخيصه (اضطراب وجداني من النوع الأول) ولكن عندما خرج من المستشفى فهمت أنه لا يوجد له تشخيص محدد، وأنها يمكن أن تكون نوبة ذهان حادة، وقد تختفي، والأعراض التي عنده تجاوبت وخفت مع الأدوية التي تم إعطاؤها له في المستشفى، وهي:
1- دبكين 500 مرتين في اليوم.
2- اولنزابين 10 مرتين في اليوم.
3- سيركويل عند الحاجة، وتم إلغاؤه بعد الخروج من المستشفى.

بعد خروجه من المستشفى بقي يعاني –وبشدة- من الأعراض الجانبية للأدوية؛ لا يتكلم، وقليل التركيز والذاكرة, زيادة في الأكل، ولا يوجد عنده أي اهتمامات نهائيًا، يكرر ما نقوله له، علمًا بأنه يدرس؛ ليكمل الامتحانات التي لم يقدمها.

أخبرت الطبيب، وقد ألغى الجرعة الصباحية من (اولانزابين) ولكن بدأت أعراض الهلوسة تعود، فأرجعنا الجرعة الصباحية، ولظروف الجامعة أخبرني الطبيب أن أعطيه صباحا (2) مغ من (رسبيردون) ولكن تأثيره عليه سيئ.

سؤالي: هل تشخيص الأطباء له صحيح؟ وما هي أفضل طريقة لإعطائه الدواء بحيث يكون هناك أقل أثر للأعراض الجانبية؟ لأنه بحاجة أن ينهي الامتحانات خلال (10) أيام.

أرجو من حضرتكم الإجابة بأسرع وقت ممكن، ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لابنك الكريم الصحة والعافية.

رسالتك واضحة، وهذا الابن -حفظه الله وشفاه- بالفعل حدثت له أعراض ذهانية حادة، والأفكار الاضطهادية التي كان يعاني منها نشاهدها لدى مرضى الهوس، وكذلك نشاهدها لدى مرضى الفصام، لكن ليس من الضروري أبدًا أن تكون حالة الابن هذه مرض فصام بمعاييره التشخيصية المعروفة.

أنا أكثر ميولاً لأن أركِّز على الجانب الوجداني لدى هذا الابن، وهو واضح من حِدَّة الأعراض والطريقة التي تطوّرت بها أعراضه، لكن في ذات الوقت لن أهمل أبدًا جوانب الأفكار الاضطهادية.

أخِي الكريم: هذا الابن بالفعل يحتاج لأحد مثبتات المزاج مع أحد مضادات الذهان، والـ (دباكين Depakine) والـ (اولانزبين Olanzapine) أدوية رائعة ورائعة جدًّا ولا شك في ذلك، وهي مناسبة بالنسبة لحالته، لكن أتفق معك أنه توجد إشكاليات فيما يتعلق بالآثار الجانبية لهذه الأدوية، وعمومًا إذا تمَّ تناول الجرعة ليلاً كجرعة موحدة، هذا سوف يُقلل كثيرًا من الآثار الجانبية بالنسبة له.

أعتقد في مرحلة لاحقة هذا الابن يمكن أن يُنقل إلى أحد الأدوية التي لا تُسبب النعاس أو النوم أو زيادة الأكل، وأفضل عقار هو دواء يعرف تجاريًا باسم (إبليفاي Abilifu) ويعرف علميًا باسم (إرببرازول Aripiprazole) وهو دواء معروف لدى الأطباء النفسيين، وأنا متأكد أن الأخ الطبيب الذي يشرف على علاجه سوف ينقله لهذا الدواء إذا اشتدت عليه الآثار الجانبية من الأدوية الأخرى.

بالنسبة لتشخيصه -أخِي الكريم-: التشخيص يعتمد على أشياء كثيرة جدًّا، على التاريخ الأسري للأمراض، على شخصية الشخص الذي يعاني، هنالك أشياء كثيرة، وأنا أعتقد أن الطبيب الذي قام بفحصه قطعًا هو في وضعٍ أفضل مني، لكني -أخي الكريم- لا أجحد عليك بأي شيء أعرفه من الناحية العلمية، وأنا أكثر ميولاً لأن أقول أن هذا الابن -حفظه الله- غالبًا يُعاني ممَّا نسميه بالفصام الوجداني أو الوجدان الفصامي، يعني أنه لديه أعراضاً من الاضطراب الوجداني، ولديه أيضًا بعض الأعراض الفصامية، وهذه الحالات كثيرًا ما نعتبرها مشابهة أو مُطابقة للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وليست مطابقة لمرض الفصام، وأعتقد أن منهج العلاج منهج صحيح.

أخِي الكريم، عليكم بالصبر، وهذا الابن يجب أن يُتابع مع الأطباء، فالمتابعة مهمة جدًّا حتى حين يكون في أحسن حالاته، وساعدوه في تنظيم وقته بالنسبة لدراسته، وأسأل الله تعالى أن يوفقه، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً