الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات هلع وخوف متكررة، فكيف أسيطر عليها؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من نوبات هلع وخوف متكررة، وعندي وسواس الموت، وأعاني من رعشة في اليد والقدم اليمنى، فهل نوبات الخوف والهلع تؤثر على أعصاب اليد والرجل؟

كنت قد راجعت طبيب الباطنية، فقال إن أعراضي نفسية، فكيف أسيطر على هذه النوبات؟ فلدي طفل رضيع عمره 3 أشهر. وهل يجوز الدعاء بطول العمر لي ولأهلي؟ وهل هو مستحب أم لا؟

شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجيه رضا الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

بالفعل الذي حدث لك هو نوبة هلع وفزع وهرع، وهي تؤدي دائمًا إلى وساوس حول الموت والخوف منه.

وبالنسبة للتأثير الذي حدث على أعصاب اليد والرجل: نعم أقول لك إن الهلع هو السبب فيه، لأن الهلع في أصله قلق، والمكون القلقي يجعل الإنسان يحسُّ باضطراب أو رجفة أو انشدادات في بعض أجزاء جسمه، ومنها أعصاب اليد وكذلك الرجلين.

فأرجو أن تطمئني، هذه الحالة هي حالة عابرة، وإن شاء الله تعالى لن تستمر معك طويلاً، تجاهلي تمامًا فكرة نوبات الخوف هذه، واعلمي - أيتها الفاضلة الكريمة - أن الأعمار بيد الله، وأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان لحظة، ولا ينقص منه لحظة واحدة.

بالنسبة للدعاء: أنا وجدت أن أدعية الصباح والمساء هي من أفضل الأدعية التي تُشعر الإنسان بطمأنينته، حين تبدئين تشكرين الله وتحمدينه وتقولين (أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، رب أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده) وتدعين الله بما هو مأثور، وكذلك أذكار المساء مثل ذلك، وكذلك عند النوم (اللهم بك وضعتُ جنبي وبك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين). ليس هنالك كلام أشمل وأحكم وأعظم من ذلك، يبعث فيك طمأنينة عظيمة.

احرصي على هذه الأذكار وغيرها، وصلِّي صلاتك في وقتها، وتوكلي على الله، وعليك بتلاوة شيءٍ من القرآن يوميًا، ويجب أن تُحسني وتُجيدي تلاوة القرآن، هذا يبعث فيك طمأنينة عظيمة.

وتذكري - أيتها الفاضلة الكريمة - أنك الحمد لله تعالى شابة، ولديك أسرة، ولديك استقرار، ورزقك الله تعالى الذرية، ما أجمل هذا كله! فيجب ألا تُعطي أي مجال لهذه الأفكار حتى تأتيك، وحسِّني نومك من خلال تجنب النوم النهاري، وأن يكون نومك ليليًا، وطبقي بعض التمارين الاسترخائية التي أوردناها في الاستشارة رقم (2136015) والتمارين الرياضية دائمًا مفيدة أيضًا بشكل واضح جدًّا.

هذا هو الذي تحتاجينه وليس أكثر من ذلك، نوع من الدفع النفسي، وإن كان القلق مهيمنًا عليك بدرجة كبيرة؛ ليس هنالك ما يمنع أن تتناولي عقاراً يعرف تجاريًا باسم (تربتزول Tryptizol) ويسمى علميًا باسم (امتربتلين Amtriptyline) بجرعة صغيرة جدًّا، تناوليه بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم توقفي عن تناوله، سوف يُساعدك كثيرًا في زوال هذا القلق، وفي نفس الوقت لا يؤثر -إن شاء الله تعالى- على رضاعة الطفل، الذي أسأل الله تعالى أن يحفظه ويجعله قرة عينٍ لكما.

بالنسبة لسؤالك: هل يجوز الدعاء بطول العمر لأهلي؟ وهل هو مستحب أم لا؟ سوف أحيل هذه الجزئية على الإخوة في إسلام ويب ليُفيدوك بما هو أكثر، لكن من ناحيتي: الذي أعلمه أن الإنسان يمكن أن يدعو لنفسه ولأهله بطول العمر في عمل الصالحات، والإنسان يسأل الله تعالى عيشة هنية ومِيتةً سويَّة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

=====================================
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتور/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
=====================================

مرحبًا بك - أختنا الكريمة - نسأل الله تعالى لك عاجل العافية والشفاء، وأن يُذهب عنك ما تعانينه.

وأما ما سألت عنه في الجانب الشرعي، وهو: هل يجوز الدعاء بطول العمر لي ولأهلي؟ فالجواب: إن الدعاء بطول العمر لا بأس به ولا حرج فيه، والأحسن أن يُقيَّد بكونه في طاعة الله تعالى، وهكذا كان يُقيِّد الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - هذه الدعوة إذا دعا له أحد بها، فإذا قال له أحد: (أطال الله في عمرك) يقول: (في طاعة الله).

والأحاديث الواردة في هذه المسألة أحاديث ظاهرها أنها عارضة، وقد سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجته وهي تقول: (اللهم أمتعني بزوجي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية) فقال: (قد سألتِ الله لآجال مضروبة) وفي حديث آخر يدعو -عليه الصلاة والسلام- لأنس ابن مالك – رضي الله تعالى عنه - بأن يُطيل الله عمره.

والجمع بين هذه الأحاديث هو أن يدعوَ الإنسان بطول العمر في طاعة الله تعالى، وما دام في إطالةِ العمر له فيه خير.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً