الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كرهت حياتي بسبب الاكتئاب والوحدة والخوف، فما علاج حالتي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 22 سنة، ومشكلتي خطيرة، وأتمنى أن أجد لها حلاً، علماً أني يئست من حياتي كثيراً، وتعبت لدرجة أني خسرت وزني وخسرت أصحابي بالتدريج واحداً تلو الآخر!

كنت في السابق إنساناً حياتي جيدة، أحب السهر ومشاهدة الأفلام، وأستمتع كثيراً بالخروج مع الأصحاب، وأهتم بملابسي ومظهري الخارجي، وكان من طبعي أني إنسان حساس جداً، ولا تصل حساسيتي لدرجة مضايقة نفسي.

قبل شهر ونصف وبالتحديد في رمضان الفائت أتتني حالة فجائية، كنت جالساً كعادتي أشاهد التلفاز، إلا أنه أتاني شعور غريب بضيقة في صدري وكتمان وتعب، وصلت لدرجة البكاء من دون سبب، بدأت أهلوس وأكره الخروج، وأشعر أني في حالة سوداوية، وحياة لا معنى لها، حتى إني أصبحت أوسوس في كل شيء، حتى في الوضوء، ودائماً أبكي من غير أسباب واضحة! وأشعر بالندم كثيراً على كل الأسباب التافهة والأغلاط التي عملتها في السابق.

بدأ ينتابني شعور وخوف من الموت، أصبحت أخاف من كل شيء حولي، أي شيء يزعجني ويسبب لي الهلع والهلوسة، وأجلس طويلاً أفكر وأبكي على أشياء كانت لا تضايقني في السابق، حتى وصل بي الأمر أني أخاف من أي شيء يحدث، وأفكر كثيراً حتى بدأ شعري يتساقط وملامحي بدأت بالذبول! أكلمكم وأنا أبكي بحرقة، ولا أجد أسباباً إلا في أغلاط عملتها في السابق.

كذلك دائما أحس أن هناك شيئاً في صدري يؤلمني، ودائماً يأتيني ألم في بطني وصدري عندما أخاف أو أفكر، حتى إني بدأت أشعر أن مستقبلي مجهول ومظلم!

علما أني متخرج من الجامعة، وكنت أضع طموحات جميعها تلاشت منذ بدأت أشعر بهذه الحالة، وهذا الحالة تأتيني دائماً أو في الأغلب في الليل أو من المغرب إلى الصبح حتى أصبح نومي متقطعاً ولا أستطيع أن أنام أكثر من 6 ساعات، حتى عندما أحاول الخروج أو الترفيه عن النفس تأتيني هذه الضيقة لدرجة أني أضحك مع الناس، وفي داخلي ألعن وأسب نفسي!

صرت أقارن حالي بحال فلان، كيف فلان يضحك ولماذا لا أصبح مثله سعيداً في حياتي؟ لماذا أنا مبتلى؟ هل ربي يعاقبني؟ هل عملت في السابق أخطاء كي يصبح حالي هكذا؟ في الفترة الأخيرة بدأ يأتيني شعور عندما أخرج أني في حلم، وأنني الآن ليس في الحقيقة وأكثر من السرحان والتبلد دائماً، حتى والناس حولي.

أنا إنسان من طبعي كتوم جداً إلا لعدة أشخاص، وقد تعبوا من تقديم النصيحة لي، وتركوني حتى عندما كانوا ينصحوني كنت أقول: إن أي إنسان لم يجرب ما أنا فيه حالياً، ولا يستطيع فهم ما يدور في خاطري.

كما أني أعاني من الاكتئاب والوحدة والخوف، وأعاني بشدة من الوسواس، أرجوكم بعد الله أن تعطوني شيئاً يفيدني، لأني تعبت خلال شهر ونصف كرهت حياتي.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة، وهي ليست طويلة أبدًا، وقد اطلعت عليها، أقول: الذي حدث لك فجأة نوبة اكتئاب، وهنالك نوع من الاكتئاب بالفعل يأتي للإنسان دون أي مُقدِّمات.

هذه النقلة المزاجية السوداوية الشديدة والمفاجئة ركَّز على دراستها بعض الأطباء النفسيين في إيطاليا، وقد وصلوا إلى نتيجة مفادها أن هذا نوع من الاكتئاب القلقي المفاجئ، يعني ليس اكتئابًا بيولوجيًا حقيقيًا، لكنه اكتئاب انفعالي قلقي، قد يكون هنالك تراكمات قلقية موجودة لم يُلاحظها الإنسان فيما مضى، أو على الأقل كانت على مستوى العقل الباطني، وأعتقد أن هذا ينطبق عليك تمامًا.

الحالة هي حالة اكتئابية قلقية، والدليل على ذلك أنها تكثر أكثر في فترات المساء، لأن الاكتئاب البيولوجي الحقيقي الشديد يكون دائمًا في فترات الصباح.

في ذات الوقت حصل لك ما نسميه باختلال أو اضطراب الأنية، وهو الشعور بالمتغيرات، أو كأنك في حلمٍ، وهذه ظاهرة معروفة أيضًا وتكون مصاحبة بالفعل للاكتئاب القلقي.

السرحان والشعور بضعف التركيز أيضًا هي من سمات هذه الحالة، وكما تفضلت قد يأتي شيء من المخاوف وشيء من الوسوسة، لأن الإنسان حين يكون في حالة انفعالية سلبية - خاصة إذا كان الاكتئاب أو القلق هو المكوّن الجوهري لها - قطعًا يحسُّ بكثيرٍ من عدم الارتياح وعدم التأكد من ذاته ممَّا يزيد من مخاوفه ووساوسه.

الحالة - أيها الفاضل الكريم - ليست خطيرة، لكن أتفق معك أنها مُزعجة، وهي يمكن أن تُعالج وتُعالج بصورة فاعلة جدًّا، فلا تيأس، ولا تتضجر أبدًا، اذهب إلى الطبيب النفسي، كل الذي تحتاجه هو أحد مضادات الاكتئاب الجيدة مثل الـ (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) تحتاج أن تتناوله لمدة ستة أشهر على الأقل.

عليك أن تُنظم وقتك، وتكون أكثر إيجابية، وممارسة الرياضة تعتبر مهمَّةٌ جدًّا لإزالة الشوائب والانفعالات القلقية النفسية السالبة، وعليك أن تُكثر من التواصل الاجتماعي، وعش حياتك بصورة طبيعية، وأعتقد أن السبرالكس بالفعل سوف يُساعدك كثيرًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية farfoosh

    أخي الكريم صاحب الإستشارة ، أتمنى ان تقرأ تعليقي ، أنا مررت بتجربة شبيهة جدا بتجربتك وعانيت لفترة من الوقت ولكن بعد أخذي دواء السبراليكس الحمدالله شفيت من هذا المرض وعدت كما كنت سابقا ولله الحمد.
    كل ما عليك فعله هو الإلتزام بالعلاج وتأكد بأنك ستعود كما كنت ولكن عليك بالصبر لأن مفعول الدواء يحتاج الى وقت حتى يعطب مفعوله (اسبوعين الى شهر)

    اتمنى لك تمام الصحة والعافية

  • هبهمحموداحمد

    أخي الكريم انا اسضا مرررت بنفس الحالة وما زلت اعاني رغم اني متزوجة وابلغ من العمر 29 سنة الا اني اعاني ولا اجد الحل انا لا اؤمن بالادوية لذلك لم اخذ اي نوع من الدواء بسبب أنني اسمع ان الإدمان عليها ضررر كبير تعالجت عن المشايخ حيث بعضهم قالو انه سحر مسلط كقرين اتعايش مع حالتي بالنهار كبيعية بالليل لا انام وهكذا كل يوم على نفس المنوال

  • الجزائر عادل

    انصحك اخي بالرقية الشرعية قد يكون بك مس او عين او حسد

  • الجزائر Amine chlef

    انا مريض نفسي مثل الامراض التي عندك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً