الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عرضتْ عليّ فرصة للعمل، وأخاف من الوقوف أمام الطالبات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترددت كثيرا في الكتابة لكم، ولكني شعرت بشدة حاجتي للنصيحة.

كنت أعمل كمعلمة لمدة 4 شهور، كنت خلالها متميزة بشهادة الآخرين، ولكن مررت خلالها بضغوط جعلتني مقصرة بعض الشيء في عملي، وحصل لي موقف أمام المديرة والطالبات، لم أستطع شرح الدرس مما دفعني للبكاء واعتذرت من المديرة.

عُرضتْ علي مؤخراً فرصة للعمل، وترددت بأخذ القرار، فذهبت الفرصة لغيري، وعرضتْ علي بعدها فرصة أخرى ورفضتها؛ لأني أشعر بالخوف من الوقوف أمام الطالبات، أشعر أني لست أهلا لحمل الرسالة، ولا أتحمل المسؤولية، هذا مع حاجتي الماسّة للمال.

أتحدّث لصديقتي -وهي بمثابة أختي- عن كل هذا تخبرني بأني أبالغ، وأن الأمر ليس بهذه الصورة وليس بهذا السوء، فأنا من المتفوقين في المدرسة وفي الجامعة أيضاً.

أعاني بين مدة وأخرى من الاكتئاب واليأس، فلا أطيق محادثة أحد، أو عمل أي شيء، وأُفضّل الانعزال. أشعر بالخوف من كل جديد، التردد، فقدان الثقة بالنفس، قد يصل هذا إلى فقدان الثقة بالآخرين، صعوبة اتخاذ القرارات مهما كانت بسيطة، يستولي عليّ اليأس بين الحين والآخر.

دائماً تخبرني صديقتي بأني شديدة الحساسية، ومرت عليّ فترة كانت تنتابني وساوس وخوف من الأمراض.

أصبحت على مشارف الــ 25 من عمري ولكن دون هدف محدد لحياتي، أحلم كباقي الفتيات اللواتي بمثل عمري بالزوج الذي يُغيّر حياتي ويعوضني عن كل حرمان عشته.

أصبحت أشعر بأن العمل ليس طموحي، فأنا أحلم بتكوين أسرة سعيدة لأني حرمت منها بعد وفاة والدي، ولا إخوة لي، وأختي الوحيدة متزوجة، وأعيش مع أمي فقط، وأنا دائماً أختلف معها في كثير من الأمور، قد يرجع هذا لفارق العمر بيني وبينها 40 سنة، فهي بمثابة الجدة لمن هم في مثل عمري.

أنا ملتزمة –والحمد لله- بالصلاة، وقراءة القرآن، والأذكار، مع شعوري الدائم بالتقصير تجاه ربي، كنت أذهب لمركز تحفيظ قرآن ولكن انقطعت عنه فترة عملي ولم أرجع له، تحاول صديقتي إقناعي بالذهاب إليه لكني لم أعد أحب مواجهة الناس ومخالطتهم.

أشعر أن مشاكلي النفسية كثيرة، ولا أتقبل فكرة أخذ أدوية أو مراجعة طبيب نفسي، أرجوكم انصحوني بطرق عملية للتخلص من مشاكلي، فكثيراً ما أقرأ بعض الكلمات وأشعر أنها موجّهة لي، ولكنها غير قابلة للتطبيق.

نفع الله بكم وجزاكم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتحية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لك على التواصل معنا، وعلى الكتابة إلينا بالرغم من التردد، ولكنك كتبت في النهاية، وهذا دليل على أنه بالرغم من هذا التردد في بداية الأمر، إلا أنك قادرة على القيام بالعمل المطلوب.

مما قرأته في رسالتك، وخاصة ما بين السطور أنك فتاة طموحة ومقتدرة، إلا أن ظروف الحياة وبعض المواقف التي مررت بها أضعفت من ثقتك في نفسك بعض الشيء، مما جعلك مترددة سواء في اتخاذ القرارات أو مواجهة الناس، وكل هذا مع حساسيتك وكما قالت لك صديقتك المقربة منك.

أرجو أن تنتبهي -أختي الفاضلة- أن تجنب لقاء الناس، وترك التدريس مثلا، وتجنب العمل .. كل هذا التجنب لا يحلّ المشكلة وإنما يزيدها تعقيدا، مما يسبب المزيد من ضعف الثقة بالنفس، وبالتالي الكثير من التراجع والتجنب، واطمئني أن الحل ليس بالعلاج الدوائي، وإنما بالعلاج السلوكي عن طريق القيام بعكس التجنّب، وهي المواجهة مع الناس والإكثار من اللقاء بهم والعودة للتدريس.

نعم يمكن، بل الأصل والمتوقع، أن يكون هذا في البداية صعب جدا، إلا أنك مع الوقت ستجدين الأمر أسهل بكثير مما كان في البداية، ومما كنت تخافين، فهي العزيمة والإقبال على الناس عموما، وعلى تدريس الطلاب بشكل خاص، وخاصة مع ما ورد في سؤالك من صفات النجاح والتفوق ولله الحمد، فلا تحرمي الأجيال الجديدة من هذا العلم وهذا الفضل.

وأرجو أن لا تنتظري الزوج المأمول ليأتي ويغيّرك كما ورد في سؤالك، وإنما على العكس، تغيّري الآن، ومن ثم سيأتي الزوج المؤمّل، فالتدريس والإقبال على الناس والتعايش معهم هو الذي سيعرّف الناس بك، مما يمكن أن يأتي بالزوج المناسب، وفي الوقت المناسب.

إن ما تعاني منه هي حالة من الرهاب الاجتماعي، وهناك على هذا الموقع الكثير من الأسئلة التي تدور حول الرهاب الاجتماعي، فعليك بقراءة بعض هذه الأسئلة.

أرجو أن لا تترددي في العودة إلى التعليم، مما يعزز من ثقتك بنفسك، ويشرح لك صدرك، وينفعك وينفع بك.

والدعاء إلى الله تعالى أن يوفقك وييسّر لك أمرك، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً