الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي أعصاب في المعدة وجسمي يرتعش عند الاحتكاك بالناس.. ما هذه الحالة؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب أعزب يتكرر عليّ الضيق النفسي والشعور بالعصبية والتوتر وعدم الثقة بالنفس، خصوصًا يوم الجمعة والعيدين، حيث إن هذه الحالة لم أشعر بها في صغري، ولكن لما دخلت في العشرينات كانت الحالة قوية، وبالإضافة إلى هذه الحالة أصبت بداء دائم، وهو ارتعاش بدني، وخصوصًا منطقة الفخذ والركب عندما أكون جالسًا قرب أحد وجسمي يلامسه سواء رجلا أو امرأة أو أمي أو أخي، حتى أني لا أقدر بتاتًا أن أركب في سيارة الأجرة لكي لا أحتك بالناس.

والمصيبة العظمى أني لا أصلي جماعة؛ لأني لا بد أن أبعد رجلي عن رجل المصلي الذي عن يميني ويساري؛ لأن جسمي يبدأ ينتفض لا إراديا، ويصاحب هذا كله اضطرابات في النوم، ولا أقدر أن أكمل النوم إلى الصباح، وأنا الآن منذ 5 سنوات، وأنا أعاني وقلبي يتفطر.

مع العلم أني أمارس الرياضة ودراستي جيدة ومرح ووزني ممتاز، وأشارك في جمعية للثقافة.

رغم أني زرت دكتور الطب العام مرتين ورويت له حالتي، ووجد عندي أعصاب بارزة في المعدة بواسطة جهاز، وأعطاني في المرة الأولى دواء مضادًا لحموضة المعدة، وعلبتين من الأقراص القوية، وكنت أتناولها في الليل، وكأني تناولت مخدرًا شعرت بالارتياح نوعًا ما؛ لأني بدأت أنام دون انقطاع، ولكن الحالة لم تنته وإنما خفت.

وفي المرة الثانية أعطاني دواءً مخففًا عن الأول، واسم ليزانكسيا، أو برازيبام، ولكن الحالة لم تنته وتسبب لي إحراجًا كبيرًا، وهذه الحالة تسبب الارتعاش مع التلامس، والارتعاش يسبب لي العصبية والتوتر وعدم الثقة بالنفس فأنا الآن داخل دائرة مغلقة.

أرجو منكم المساعدة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

بعد اطلاعي على رسالتك، الخلاصة التي وصلتُ إليها هو أن الحالة التي تعاني منها هي حالة وسواسية، الوساوس كثيرًا ما تظهر على هذه الشاكلة، أي أن الإنسان يتحسَّس حول أمرٍ ليس من المفترض أن يتحسَّس نحوه، وتحدث مخاوف، ويحدث نوعًا من الاشمئزاز الشديد إذا أقدم على تنفيذ وساوسه أو إجبار نفسه على التطبع والتعود والتماشي معها.

هذا الذي تعاني منه - أيها الفاضل الكريم - هو وسواس، وبما أن الوسواس له مكوَّن رئيسي وهو القلق، هذا يؤدي إلى الارتعاش الذي يحدث لك مع التلامس، وأنت ذكرت أن الارتعاش مرتبط بالعصبية والتوتر، وهذا بالفعل يؤكد التشخيص الذي ذكرناه لك، أي أنها نوع من الوساوس القلقية.

موضوع عدم الثقة بالنفس أيضًا مرتبط بالقلق، وعلى العكس تمامًا أنت من المفترض أن تكون شخصًا واثقًا بنفسك؛ لأنك - الحمد لله تعالى - محبوب، ورياضي، وممتاز في دراستك، ولك مشاركات في الجمعية الثقافية، فأنت بفضلٍ من الله تعالى نشط وفعّال على النطاق الاجتماعي، ومقدراتك المعرفية أيضًا ممتازة، فليس هنالك أبدًا ما يدعوك لئلا تثق بنفسك، فأرجو - أيها الفاضل الكريم - أن تُحقِّر هذا الفكر السلبي، وأن ترفضه تمامًا.

الوسواس بصفة عامة يُعالج من خلال التعريض أو التعرُّضِ لمصدر الخوف أو القلق، فأنت لديك وساوس الملامسة أو التلامس، وأنا أقول لك: يجب أن تُحقِّرها، يجب أن ترفضها، ويجب أن تذهب إلى صلاة الجماعة، الأمر في غاية البساطة، ربما يحدث لك نوع من الاشمئزاز أو التخوف في بداية الأمر، لكن بعد ذلك سيكون الأمر أمرًا طبيعيًا، وأريدك أن تتخيَّل أن شخصًا قد لامسك، إذا كنت مثلاً تركب المواصلات العامة أو في مكان مزدحم، وهذا يحدث، ويحدث كثيرًا جدًّا بين الناس، وأرجو منك أن تقصد أن تكون في الأماكن المزدحمة؛ لأن هذا سوف يُقرِّبك أكثر إلى الناس، وسوف يُبعد مخاوفك ووساوسك حول التلامس.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأدوية التي تناولتها وهي البرومازبام: هذا دواء مسكن ومُهدئ، وهو ينتمي لفصيلة الـ (بنزوديازبين Benzodiazepines) أنا لا أحبذه كثيرًا؛ لأنه بالفعل قد يُهدئ، لكنه لا يفيد، أما الدواء الذي أفضله تمامًا لعلاج حالتك هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (فافرين Faverin)، ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) الجرعة هي أن تبدأ بخمسين مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً، تستمر عليها لمدة شهرين، ثم تجعلها مائتي مليجرام ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم تخفض الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الفافرين دواء رائع، يُعالج الوساوس والقلق والتوترات، ولا يُسبب الإدمان، وقطعًا إن ذهبت إلى طبيبٍ نفسي هذا أيضًا سوف يكون أمرًا إيجابيًا وجيدًا جدًّا، وذلك من أجل المزيد من الإرشاد، وربما يصف لك الطبيب دواءً آخر، فهناك ثلاثة أو أربعة أدوية أخرى مضادة أيضًا للوساوس، وهي فاعلة جدًّا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب محمد المرابط

    بارك الله فيك د.محمد عبد العليم على منحي جزءا من وقتك لتشخيص حالتي و مساعدتي وحفظك و حفظ أهلك و أولادك و كل من هو عزيز على قلبك من كل سوء.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً