الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من وسواس الطهارة والصلاة فكيف أتخطاه وأصل إلى اليقين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري (20) سنة، أعاني من الوسواس في العبادات والطهارة، وأحيانا أشك في أي كلمة أقولها بأنها كفر، كما أنني في بعض الأحيان أفكر بأفكار الشرك، ثم أكره ما فكرت فيه وأتوقف، أشعر بتأنيب الضمير كثيراً، كما أنني أشعر بأن ملابسي نجسة، ويجب تغييرها.

لا أعلم ماذا أفعل! أحيانا أحلف أن لا أكرر هذا الفعل ثم أعاود عمله، في بعض الأوقات أشك بانني حلفت على سبب، ولكنني لا أصوم الكفارة، الثلاثة أيام ظنا مني بأنه بسبب السواس، لكن ماذا لو كان الحلف حقا!

وفيما يخص الطهارة فعندما ينقطع الحيض أقوم بتأخير الغسل أياما كثيرة، أحيانا يكون التأخير بعذر، وأحيانا أخرى لأن الوسواس هو السبب، حتى أنني أخاف من الغسل والصلاة، ولكن قبل كل هذا، فأنا لم أكن أعاني من الوسواس، لكنني كنت أرتكب الكثير من المعاصي، وتوقفت عنها -بفضل الله-، وكنت لمدة سنة تقريبا أصلي بشكل خاطئ، والخطأ أنني كنت أقرأ سورة الفاتحة دون البسملة ودون أية (مالك يوم الدين)، وحسب ما قرأت من فتواكم فإن الجمهور أجمع على وجوب القضاء، إلا شيخ الإسلام -ابن تيمية-الذي قال أنه لا يجب القضاء، فهل يمكنني ترك القضاء كما قال، من باب اليسر والتسهيل، علما أنني أتبع المذهب المالكي؟

وأود أن أستفسر عن الحلف الكاذب من أجل النجاة من العقوبة، حتى ولو كان الأمر بسيطا، فهل يعد اليمين الغموس أم لا؟ وهل من كان يقول كلمات من باب الجهل منه، ثم تبين له أنها كفر تعتبر ردة أم لا؟ فهذه من المعاصي التي ارتكبتها، كما أنني أعلم أن تصديق المنجمين حرام لكنني صدقتهم، علما أنني توقفت عن فعل كل هذه الأخطاء، فهل هذه الأمور كافية من أجل التوبة؟

أرجو الرد على أسئلتي كلها فأنا في حيرة من أمري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

ظاهرٌ جدًّا من كلامك -أيتها البنت العزيزة- أن الوساوس تسلَّطتْ عليك، ولذا فنحن ننصحك بأن تكوني جادة في محاولتك لتخليص نفسك من هذه الوساوس، وأحسن طريقٍ لذلك وأجمل وسيلة هو الإعراض عن هذه الوساوس بالكلية وعدم الاهتمام بها، وممَّا يُعينك على ذلك: أن تعلمي يقينًا أن الله تعالى يُحبُّ منك هذا الإعراض ويرضاه، وأنه لا يرضى سبحانه وتعالى منك متابعة هذه الوساوس والعمل بمقتضاها.

فإذا أيقنت هذا اليقين سهل عليك -بإذن الله تعالى- أن تتركي هذه الوساوس وألا تُعيريها اهتمامًا.

كل ما ذكرته من وساوس في الكفر لا حقيقة له، وأنت على إسلامك وإيمانك، وكراهتك للكفر دليلٌ صريح على وجود الإيمان في قلبك، فأعرضي عنه، ولن تضرك وسوسة الشيطان في هذا الباب.

وأما شكُّكِ هل الثوب طاهر أم نجس؟ فإن الأصل الطهارة، فلا تتحوّلي عن هذا الأصل وتحكمي بتنجُّس الثياب إلَّا إذا تيقنت وقوع النجاسة عليها كيقينك من وجود الشمس في النهار.

وأما حَلِفك اليمين: إذا كانت تحت تأثير الوساوس، فإن الفقهاء يقولون بأن يمين الموسوس كيمين المُكره، لا تنعقد، ولا تلزمه كفّارة، لقوة الدافع الذي يدفعه إلى الحلف وعدم المانع.

أما تأخيرك للصلوات بسبب الوساوس فلا يجوز، بل إذا رأيت الطُّهر بإحدى علامتيه: إمَّا بنزول القصَّة البيضاء، أو حصول الجفاف التام بحيث إذا أدخلت قطنةً أو نحوها إلى الفرج تخرج غير ملوَّثةٍ بدمٍ، أو صُفرة، أو كُدرة، ففي هذه الحال عليك أن تُبادري بالاغتسال وتُصلي، فإن كنت فعلت خلاف هذا فيما مضى فعليك التوبة.

وأما قضاء هذه الصلوات فمحلُّ خلاف كما قرأتِ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- بعدم وجوب قضاء الصلوات في مثل هذه الحال، ولا حرج عليك في أن تأخذي بقوله في هذه المسائل، فإن الموسوس يجوز له أن يأخذ بأيسر الأقوال حتى يمُنَّ الله عز وجل عليه بالشفاء.

ولا تؤاخذين بكلماتٍ كنت تقولينها ولا تدرين أنها رِدّة، فاطمئني وأعرضي عن هذه الوساوس.

نحن على ثقة ويقين من أنك إذا أعرضت عن الوساوس ولم تهتمّي بها فإنك ستُريحين نفسك من عناء كثير.

نسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يُعجِّل لك بالعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً