الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن يجرفني التفكير في الجنس إلى قاع الضياع والحرام، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعاني من الفراغ الذي يجبرني دائما على التفكير في الجنس قبل النوم، وكل همي أن أتزوج، أخاف أن أتجه إلى الحرام، أو أكلم الشباب، أو أي شيء؛ لأنني أحتاج إلى الحنان، والشعور بالأمان، أرغب في الزواج لأحصن نفسي، وأبتعد عن هذا التفكير الذي يزيد من رغبتي في الزواج، هل أنا آثمة على التفكير أم لا؟

علما أنني محافظة على صلواتي والنوافل، والصيام وذكر الله -ولله الحمد-، ولكن هذا التفكير والتخيلات لا تترك مخيلتي.

دعواتكم لي بالزوج الصالح الذي تقر به عيني، ويخاف الله، فما تعرضت له في حياتي أجبرني على مثل هذه الأشياء، جزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ queen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ يكون عونًا لك على طاعته ورضاه عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإني أحمد الله تعالى أن الله مَنَّ عليك بالمحافظة على الصلوات والنوافل والصيام وذكر الله تعالى، وهذه هي سبب حفظك من هذه الأفكار الشيطانية، لأن هذه الأعمال الإيمانية النورانية الله تعالى يدفع بها عنك كيد الشيطان - لعنه الله - لأن الله -تبارك وتعالى- لا يَكِلُ أوليائه إلى غيره، وإنما يتولاهم بعنايته ورعايته وتوفيقه، ولكنَّ الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، وأنت قد وصلت إلى سِنٍّ تستحقين فيها أن تكوني زوجة وأن تكوني أُمًّا، ولذلك لأن هذا الوضع الذي أنت عليه عكس الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فإن الأفكار التي تأتيك شيء طبيعي، لأن المرأة أو الفتاة كانت تتزوج على رأس الخامسة عشر من عمرها أو أقل، فكانت تُشغل بالشيء الطبيعي الفطري الذي فطر الله الناس عليه، فلا تأتيها مثل هذه الأفكار.

أما أنت وإن لم تذكري سِنَّك فقطعًا ممَّا لا شك فيه أنك تجاوزت العشرين، فمعنى ذلك أنه قد طاف عليك على الأقل خمس سنوات تستحقين فيها أن تكوني زوجة وأن تكوني أُمًّا، وهذه المشاعر والعواطف، وهذه الرغبة شيء فطري، فطر الله الناس عليها نساءً ورجالاً، ومشكلتك هذا الفراغ لأنه لا يوجد هناك شيء يملأ هذا الفراغ، والفراغ يحتاج إلى رجل، الله -تبارك وتعالى- جعله حظًا فيك، وهذا الرجل غير موجود، فالشيطان يحاول أن يعبث بأفكارك وأن يلعب بمشاعرك.

ولذلك - أختِي الكريمة - علاجك إنما هو ملء هذا الفراغ بشيء نافع ومفيد، لأنك ستظلين في هذه المعاناة فترة حتى يأتي الزوج الذي قدره الله -تبارك وتعالى- لك، ونحن لا ندري متى يأتي، إذًا لا بد من وضع خطةٍ للقضاء على هذا الفراغ قدر الاستطاعة، أو التقليل من حجمه ومساحته، وهو ضرورة أن تبحثي عن منهج علمي، فأنت الآن مثلاً بفضل الله تعالى تحافظين على الصلوات والنوافل والصيام وذكر الله تعالى، هل أنت تحافظين مثلاً على قراءة القرآن؟ أتمنى أن يكون لك ورْدا من القرآن الكريم يوميًا، استغلي هذه الفرصة، لأن عمرك هذا كله محسوب من رصيدك، يعني سواء تزوجت أم لم تتزوجي إلى الآن فهذا هو عمرك الذي يمر عليك كل يومٍ هباءً منثورًا بلا فوائد تُذكر، ولذلك أتمنى أن تملئيه بأشياء مفيدة:

أولا: اقترح عليك قراءة شيء من القرآن الكريم، أن تجعلي لك ورْدًا يوميًا مطولاً أكثر من الورْد الذي أنت عليه -إذا كان لك ورْد-.

ثانيًا: البدء بالحفظ، مثلاً كأن تحفظي كل يوم من المصحف أو أكثر، وأن تجتهدي في ذلك - بارك الله فيك - حتى تشغلي فراغك بأعظم شيء وهو قراءة وحفظ كلام الله جل وعلا الذي جعل الله قراءته وتلاوته وحفظه عباده، وكل حرفٍ فيه بعشر حسناتٍ كما لا يخفى عليك.

ثالثًا: أتمنى أن تحاولي أن تقرئي في بعض الموضوعات التي تحبينها وتميلين إليها، المكتبة الإسلامية مليئة بآلاف مؤلفة من الكتب، وممَّا لا شك فيه أنك تحبين قراءة أنواع معينة من الكتب، فكم أتمنى أن تقومي بزيارة مكتبة من المكتبات، وأن تستعيري أو تشتري بعض الكتب التي تتناسب مع رغباتك، وتحاولي أن تملئي وقت فراغك بهذه الأشياء، لأن هذا سوف يُسلِّيك، ومع الأيام قد تتحول هذه الرغبة في الزواج أو الجنس إلى شيءٍ رائعٍ ونافعٍ ومفيد، أن يكون شيئًا مفيدًا، قراءة كتب، فقد تتحولين إلى مؤلفة وكاتبة في المستقبل، فتكونين بذلك قد حولت المشكلة إلى نعمة، وقد أخرجت النقمة إلى نعمة، وأصبحت شيئًا عظيمًا.

فإذًا أتمنى - بارك الله فيك - ذلك، وأنا لا أفرض عليك كتبًا معينة، وإنما أقول: زوري المكتبة وحاولي أن تنظري إلى المواد التي تحبينها فتقتني كتبها واقرئي بتوسِّع، ساعات طوال، حتى تُقللي مساحة هذا الفراغ الذي عندك.

أتمنى أيضًا أن تأخذي فكرة عن الحياة الزوجية في الإسلام، فأنت عمَّا قريب -بإذن الله تعالى- ستكونين زوجة، بدلاً من أن تدخلي حياتك الزوجية وأنت جاهلة بحق زوجك عليك وحقك على زوجك، أتمنى أيضًا أن تبدئي من الآن في هذا المشروع، اقرئي شيئًا من قصص الصحابيات وأمَّهات المؤمنين، لأن هذا هو المثل والقدوة بالنسبة لك.

ألحي على الله -تبارك وتعالى- بالدعاء وأبشري بفرج من الله قريب، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا محمد

    السلام عليكم ورحمة الله
    يتقطع كبدي حزنا على شباب المسلمين الذين لا يستطيعون أن يعفوا أنفسهم بالزواج لكثرة التكاليف أو أسباب أخرى تتعلق بالعادات الاجتماعية. وأود أن أذكركم أن رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم زوج ابنته بخاتم من حديد. فالزواج ليس عملية بيع وشراء ومرابحة ولكنه عفة للبنت والولد. نقطة أخرى أحب إثارتها وهي لماذا تترك المطلقات والأرامل بدون زواج - عادة- ولا يرغب الشباب والرجال المتزوجون في الاقتران بهم ومساعدتهم على مصاعب الحياة.
    وأخيرا اتمنى لجميع شباب المسلمين وبنات المسلمات الزواج والعفة. وأدعو الله أن يهدي أولياء الأمور لما فيه صالح أولادهم.

  • المغرب بشرى

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد أختي الفاضلة أنا أيضا كنت أعاني من نفس مشكلتك ولكن فعلت تماما قال فضيلة الشيخ والأن أشعر بتحسن كبير وأتمنى لكي أيضا أن تتحسني بإدن الله تعالى

  • السودان ام سعيد

    اختي انا في الثلاثين من عمري ولم اتزوج بعد وربما مرت علي ايام مثل الذي الذي تعانين ولكن بفضل الله علمت انه من وساوس الشيطان فانتهيت عن التفكير في الزواج او الرغبة فيه وشغلت نفسي بقراءة القرآن وحفظه وقراءة كتب اهل العلم وشروحات العلماء ...لقد خلقنا للعبادة ولامر عظيم ..اسال الله ان يوفقنا واياكم لما فيه مرضاته ويبلغنا الفردوس العليا..آمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً