الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من الوساوس التي تشكك في وجود الله فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أصبحت حياتي كالجحيم، منذ أيام وعندما كنت أستعد للنوم، راودتني أفكار تشككني في وجود الله، لكنني سرعان ما استغفرت وأخذت أتفكر في خلقه سبحانه وتعالى، وأنا أعلم أن الإنسان لا يحاسب على ما يدور في خاطره، فلم بهدأ بالي، وكنت أفكر أن هذه الأفكار ليست وساوس، إنما أنا أردت التفكير بها، وبهذا اعتبرت نفسي كافرة -والعياذ بالله-.

كنت أبكي كثيرا في صلاتي، والله وحده يعلم أن هذا لم يكن بإرادة مني، ولم أستمتع مطلقا بهذه الأفكار، بل قلقت وخفت، وكلما رأيت الناس غبطتهم على إسلامهم، وودت لو أنني أعود مثلهم، فقد تدهورت حالتي الصحية هذه الأيام، فهل حقا أعتبر كافرة؟ وهل هذه الأفكار تعتبر وساوس؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقتٍ وفي أي موضوعٍ، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين، وحقد الحاقدين، وظلم الظالمين، واعتداء المعتدين، وأن يثبتك على الحق، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة -، فما دمتِ لا تستريحي لهذه الأفكار، ولا تسعدي بها، ولا ينشرح صدرك لها، فلا قيمة لهذه الأفكار كلها، لأن هذه الكراهية، وهذا الخوف الذي ورد في رسالتك، وهذا القلق يدلُّ على أنك غير مستريحة لهذه الأفكار، وأنها أفكار تشعرين بأنها خاطئة، وأنها ليست صحيحة، وأنك تُحبين الله تبارك وتعالى، وأنك تستعيذين بالله تعالى من أن تكوني كافرة، أو أن تكوني لست مُحبة لله.

فإذًا هذه الأشياء أتمنى أن تحتقريها تمامًا، ولا تشغلي بالك بها، وكلما جاءتك هذه الأفكار السلبية حاولي أن تبصقي على الأرض، وأن تمسحي البصقة بنعلك، وأن تقولي: (هذه أفكارك يا عدوَّ الله، أنت وأفكارك أحقر عندي من هذه البصقة التي بصقتها)، وحاولي كأنك تُخرجي ما في نفسك من طاقة سلبية في هذه الحركة، ثم قولي: (أعلم أن الله على كل شيءٍ قدير، آمنتُ بالله وحده)، وتذكري بعض العبارات الطيبة الجميلة التي تثبِّت الإيمان في قلبك (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، أعلمُ أنك القادر، وأنك الخالق، وأنك العظيم، وأنك الكريم)، هذا الكلام يثبِّت الإيمان في قلبك، مع ترديد بعض الآيات مثل آية الكرسي، ومثل أول سورة الحديد، وآخر سورة الحشر، وأول سورة التغابن، مع الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يثبتك الله، وأن يُعينك على التخلص من هذه الأفكار، لأن هذا مهم جدًّا.

كذلك أيضًا عليك بالمحافظة على الأذكار، حتى يحفظك الله تعالى من كيد الشيطان، لأن النبي أخبرنا - صلى الله عليه وسلم - أن الذكر حصنٌ حصين، فإذا آوى العبد إلى الذكر فقد آوى إلى الله رب العالمين، والله تبارك وتعالى يتولى أمره ويردَّ عنه كيد عدوِّه.

فعليك - بارك الله فيك - بالمحافظة على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء بانتظام، ولا تتركيها مطلقًا، كذلك أيضًا المحافظة على الصلوات في أوقاتها، لأن الصلاة تُعطيك جرعة إيمانية عالية، وتُعطيك نوعًا من التثبيت لا يحدث إلا بالصلاة، ولذلك النبي كان يقول -عليه الصلاة والسلام -: (أرحنا بها يا بلال)، وكان يقول: (وجعلتْ قُرَّةُ عيني في الصلاة)، فالمحافظة على الصوات في أوقاتها، كذلك المحافظة على أن تكون الصلاة ذات خشوع وخضوع، وأن تُخرجي التسبيحات والقراءة من قلبك ليس من طرف لسانك، وأن تسألي الله تبارك وتعالى وأنت في حالة السجود أن يثبتك الله عز وجل على الحق ويثبتك على الإسلام، كما كانت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

فعليك بذلك، كما أوصيك بكثرة الاستغفار، وألا تنامي إلا على طهارة، وأن تواصلي الأذكار عند النوم، وأن تكوني معظم النهار متوضئة، وأن تُكثري من آية الكرسي، وأن تُكثري من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن استطعت أن تجعلي لك ورْدًا من القرآن يوميًا يكون ذلك جميلاً ورائعًا.

أسأل الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يردَّ عنك كيد هذا الشيطان، واعلمي أن هذا لا قيمة له، ولا يؤثِّر فيك، ولا تشغلي بالك به، ما دمتِ لست مستريحة لهذه الأفكار، وليس صدرك منشرحًا لها، فلا قيمة لها ولا وزنا، وإنما هي عبث من الشيطان ولا يؤثِّر فيك - بإذن الله تعالى - ولا يؤثِّر في علاقتك مع الله، فلا تشغلي بالك بها، وسلي الله العافية والسلامة.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب محمد

    هذه حالي قبل أن أصبح ملحدا, قبل 12 سنة تقريبا.

    لابد أن يقود التفكير المنطقي والعلمي و النقدي الى التشكيك في الدين, ونبذ النقل,واتباع العقل وحده.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً