الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتعلق بأي شخص أقابله، فكيف أقضي على الفراغ العاطفي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري 24 عاماً، أعزب، وجامعي. مشكلتي هي الفراغ العاطفي؛ حيث إني أتعلق بأي شخص أقابله تعلقاً شديداً؛ وذلك بسبب بعد أهلي عني وعيشي وحيداً، حيث أني أعمل في مدينة بعيدة عن أهلي، والحمد لله دخلي جيد، ومحافظ على الصلاة -أسأل الله أن يثبتني وإياكم- ولكن كثرة الضغوط النفسية والاجتماعية والمشاكل العائلية تحسسني بالوحدة، ولذلك أتعلق بأي شخص، وهذا شيء يتعبني كثيراً.

كنت قبل سنتين أتناول سبرالكس الذي وصفه لي الدكتور إثر نوبة اكتئاب، ولكني قطعته دون الرجوع إليه.

أرجو مساعدتي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

ما أسميته بالفراغ العاطفي؛ حقيقة سببه الأساسي هو أنك لم تُحدد أسبقياتك في الحياة، هنالك أمور مهمة في حياة الإنسان، يجب أن يعطيها الاهتمام الذي تستحقه.

ومن أهم هذه الأمور هو -كما تفضلت- الحرص على الصلاة في وقتها، والالتزام بكل متطلبات الدين، وأن يضع الإنسان خططًا واضحة جدًّا يُحدد من خلالها مسار مستقبله وكيف يُطوِّر نفسه، إذا كان من ناحية الدراسة أو من ناحية العمل، واكتساب المهارات والإصرار على النجاح، أمرٌ مهمٌّ جدًّا.

وتعلقك -أيهَا الأخ الكريم- كما ذكرتَ بالأشخاص لتملأ هذا الفراغ العاطفي، أعتقد أنه نتج من هذه المشكلة -أي مشكلة أنك لا تُرتِّب الأمور حسب أسبقياتها وأولويَّاتها- فرتِّب أمورك حسب أولوياتها وأسبقياتها، وأشغل نفسك بما هو مهم، وسوف تجد أن الفراغ الذهني والفراغ الزمني والفراغ العاطفي قد انتهى، لأنك وضعت الأمور في نِصابها بترتيب وبحسنِ إدارةٍ، وهذا من وجهة نظري يكفي تمامًا.

بالنسبة للمشاكل والضغوطات الحياتية: هي موجودة أخِي الكريم، كل إنسانٍ يواجه هذه الضغوطات، لكن الضغوطات يمكن أن نستفيد منها، ويمكن أن نجعلها وسيلة لتزيد من حماسنا، وتُحسِّنُ من دافعيتنا، وتجعلنا نُقدم ونواجه هذه المشاكل بكل جدِّية ونضع لها الحلول المناسبة، وفي ذات الوقت نجعل حياتنا حياة إيجابية من خلال: التطور، الإنسان يجب أن يتطور، الإنسان يجب أن يتقدَّم، الإنسان يجب أن تكون له مشاريع في حياته، الإنسان يجب أن يسعى دائمًا لينفع نفسه وغيره. هذه - أخِي الكريم - هي الأسس الرئيسية التي أنصحك بها.

وهناك أشياء طيبة، أنت في هذه المدينة التي تعمل بها بعيدًا عن أهلك، فلماذا لا تستثمر الوقت بصورة أفضل؟ مثلاً انضمَّ لحلقة من حِلق القرآن، فهذا فيه خير كثير لك جدًّا، وفيه استثمار جميل للوقت، يُغنيك تمامًا عن تعلقك بشخصٍ معيَّن، واجعل لنفسك حصَّة يومية تمارس من خلالها رياضة جماعية، وحدِّدَ أن تقرأ كتابًا كل شهرٍ.

أنا أعتقد أن ملء الفراغات في حياتنا -الفراغات الذهنية، الفراغات على مستوى التفكير، الفراغات على مستوى التواصل الاجتماعي- هي التي تقوِّي من شخصياتنا وتُشعرنا كثيرًا بثقتنا في أنفسنا. هذا هو الذي أنصحك به.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أرى أنك في حاجة للسبرالكس، ليس هنالك ما يمنع أن تتناول مضادًا للقلق بسيطًا، مثل الـ (دوجماتيل Dogmatil) مثلاً، والذي يسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) بجرعة كبسولة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، أعتقد أن ذلك سوف يُساعدك كثيرًا، وذلك حتى تطوِّر من نفسك، وفترة الشهرين أو الثلاثة من المفروض أن تُساعدك على تغيير نمط حياتك على الأسس التي ذكرناها، ومن ثمَّ -إن شاء الله تعالى- تنطلق انطلاقات إيجابية جدًّا، وأمورك -إن شاء الله تعالى- ستُصبح أفضلُ بكثير ممَّا تتصور، وتحسُّ -إن شاء الله تعالى- بالرضا التام.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً