الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتكبت معصية ولا أعرف كيف أتخلص منها، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 33 سنة، لا أحب سماع الأغاني ولا رؤية الأفلام ولا النظر إلى الرقص، وليس عندي أصدقاء سوء –والحمد لله-، لكن الشيطان ورطني وخدعني وغرني أن أشاهد وأسمع وغير ذلك، وهذا لا يناسب تربيتي وأخلاقي، وكلما حاولت أن أبتعد عنه أجدني أعود إليه، فكيف أتخلص من هذا الذنب، وأطهر جسدي وأذني من المعاصي والفتن والذنوب؟ وهل سيتوب الله علي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المستغفرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوعٍ، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنك كما تعلمين أنت التي تسمحين لنفسك أن تدخلي إلى هذه الأشياء المحرمة وأن تستمعي إليها، أليس كذلك؟ بمعنى أنه لا يوجد هناك أحد يضغط عليك أو يجبرك إجبارًا على أن تسمعي حرامًا أو تنظري بعينك إلى الحرام أو أن تتكلمي كلامًا لا يُرضي الله تعالى، فإذًا ما دمتِ قد دخلت برغبتك إلى هذه الأشياء واستمعتِ إليها بإرادتك، فكذلك أيضًا أنت الوحيدة القادرة على أن تتخلصي منها، بشرط صدق النية، خاصة وأنك - ولله الحمد والمنة - أكرمك الله تبارك وتعالى بتربية طيبة وأخلاق إسلامية عالية، وفيك خير كثير، لأنك لو لم تكوني حريصة على الخير ما اتصلت بهذا الموقع الإسلامي.

ولذلك -أختِي الكريم الفاضلة- أنت وحدك القادرة على أخذ قرار التوقف عن هذه الأشياء، اجلسي مع نفسك واسأليها سؤالاً: من الذي أدخلكِ إلى هذه الأشياء؟ ومن الذي جعلك تسمعين ما لا تُحبين؟ ستقول لك: أنا، لا يوجد أحد أجبرني على ذلك. إذًا قولي لها: ما دمتِ أنت التي فعلتِ ذلك بنفسك فلا بد أن تتخلصي من ذلك بنفسك.

حاولي أن تبحثي عن نقاط الضعف في شخصيتك، لأنه ممَّا لا شك فيه أن هناك ثغرات في شخصيتك هي التي يتسرَّبُ منها الشيطان ليُفسد عليك حياتك كما ذكرتِ أنت في رسالتك، فأغلقي هذه الأبواب تمامًا، فأنت الآن - بارك الله فيك - إذا استعملت هذه الأجهزة فاحرصي كل الحرص على ألا تسمعي أو تري إلَّا الشيء المفيد النافع الذي يسُرُّك في القيامة رؤيته.

اعلمي أن الله تبارك وتعالى عندما أعطاك مساحة الحرية الكبيرة التي تتمتعين بها تركك إلى ضميرك، وتركك إلى دينك، فإذا كان دينك دينًا قويًّا وضميرك ضميرًا قويًّا فبإذن الله تنتصرين، أما إذا كان دينك ضعيفًا وقد تظنين أنك تُحسنين الظنَّ بنفسك أنك على خير وأنك إلى خير، فلن تستطيعي أن تقفي أمام الشيطان.

إذًا القرار قرارك، فاجلسي مع نفسك جلسة وقولي: (إلى متى يا نفسي أرتكب هذه المعاصي وقد وصلتُ لهذه السِّنِّ، وأنا أساسًا لا أحِبُّ هذه الأشياء، وأنا أحِبُّ الله ورسوله، وأريد أن ألقى الله على خير) ثم قولي: (هذه آخر مرة أفعل فيها هذه الأشياء، هذه آخر مرة أفعل أستمع إلى الأغاني، هذه آخر مرة أنظر إلى هذه الأشياء) قولي هذا الكلام وكرريه إلى نفسك بقوّةٍ عشر مرات مثلا، خاصة قبل النوم عندما تنامين، حتى يكون هذا القرار هو الذي تنامين عليه، لأن عقلك الباطن عندما يعرف أنك مُصِرَّة على الترك سوف يُساعدك على ذلك.

وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يُعينك الله، لأن الله تبارك وتعالى قال: {من يهدِ الله فهو المهتد}وقال: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً} وقال أيضًا: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} فأنت في حاجة إلى الاستعانة بالله، لأنه إذا لم يُعنك الله تعالى على ذلك لن تستطيعي أبدًا أن تتركي هذه الأشياء أو غيرها، ولذلك كان من كلام النبي العظيم -صلى الله عليه وسلم-: (لولا أنتَ ما اهتدينا، ولا صُمنا ولا صلَّينا).

فلولا توفيق الله لك ما كنت صاحبة أخلاق عالية، ولولا توفيق الله لك ما توفَّرت لك التربية الإسلامية الطيبة، فالجئي إلى الله، وألحي على الله، ولكن خذي قرارًا - كما ذكرتُ لك - بإغلاق كل المنافذ إلى هذه المعاصي، وأنت الوحيدة القادرة على إنقاذ نفسك بذلك، لأنها معاص سِرِّية، لا يطلع عليها أحد سوى الله تبارك وتعالى، فما دام الأمر بينك وبين الله فأرِي الله من نفسك خيرًا، واجتهدي.
إذًا صاحبة القرار أنت، القادر على إنقاذك من هذه المعاصي كلها إنما هو أنت، وعليه فعليك بالدعاء، واجتهدي، وخذي قرارًا وتوقفي، واعلمي أن الله معك وفي عونك على قدر صدقك وإخلاصك.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً