الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في هم وضيق بسبب وسواس المرض وأعراضه الكثيرة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة عمري 22 سنة، أصبت من حوالي سنتين بالوسوسة، دائما أحس أني مريضة وأن فيّ أعراض مرض معين، وأذهب للمستشفيات وأفحص ويظهر كل شيء طبيعياً، وحالتي النفسية متعبة جدا، دائما في حالة ضيق واكتئاب وتوتر، وقبل أربعة أشهر ابتدأ معي الإحساس بتنميل في جميع أجزاء الجسم، ذهبت لدكتور أعصاب وعمل فحوصات، وصورة دم كاملة، وفحص وظائف الكلى، وفيتامين (b12) وفيتامين (د) ، وقال: كل شيء طبيعي، لكن عندك نقص في فيتامين (د) فنسبته 9.

وإلى الآن أعاني من هذه الأعراض، مع نبضات بالجسم أو هزات، وألم أحيانا بالعظام والرقبة، وفي خلال يومين أصابني ضغط نفسي، وعند البكاء أحسست بشد في خدي اليمين تحت العين، مع خدر وألم خفيف.

أنا موسوسة لدرجة خوفي من التصلب المتعدد، وكلما أخبرت أهلي يقولون: هذا وسواس، وأنا تعبت من الأعراض التي في، أريد حلاً ينهي الحالة التي وصلت لها، فهل أنا مصابة بمرض أو هذا مجرد توهم؟

ساعدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعراضك بالفعل هي أعراض قلق ومخاوف ووساوس، ومخاوفك تتمركز حول الأمراض والخوف منها، وهذا النوع من المخاوف كثيرة جدًّا ومنتشر، فالناس تقرأ كثيرًا عن الأمراض، ووسائل الفحوصات الطبية الحديثة أيضًا أظهرتْ أمراضًا كان لا يمكن تشخيصها فيما مضى، والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية أعتقد أيضًا انعكستْ سلبًا على صحة الناس.

فالمحيط والجوّ العام وطريقة تفكير الناس الآن بالفعل تُساعد على ظهور هذه المخاوف، فأنت لست الشخص الوحيد الذي يعاني ممَّا تعانين منه، كثير وكثير جدًّا من الناس يعانون من نفسك أعراضك، بل هناك دراسة أظهرت أن حوالي 30% من الذين يترددون على العيادات في كل التخصصات ليس لديهم أي مرض عضوي حقيقي، لا نقول أنهم متوهمون، لكن نقول إنهم قلقون ومسوسون ولديهم مخاوف.

والأمر يُعالج -إن شاء الله تعالى- ببساطة شديدة، لكن يجب أن يكون هنالك التزام من جانبك.

أولاً: اعرفي أن الخوف من الأمراض لا يأتي بالأمراض ولا يمنع حدوث الأمراض.

ثانيًا: أن يعيش الإنسان حياة صحية جيدة، تجعله يحسُّ بالفعل بنعمة الصحة والعافية ممَّا يُقلل من المخاوف والتوتر والقلق والوسوسة حول الأمراض، والحياة الصحية تتطلب منا: النوم المبكر، أن نحرص على الصلاة في وقتها، التواصل الاجتماعي، الغذاء السليم، ممارسة الرياضة. وعلى المستوى الفكري والاجتماعي: لا بد أن يكون لدينا تواصل، ولا بد أن يكون لدينا برامج حياتية، برامج نستثمر من خلالها وقتنا، ونقوم بفعل ما يعود بالخير علينا وعلى غيرنا، هذه هي الحياة الصحية باختصار، والالتزام بها يُساعد كثيرًا.

من الأشياء الضرورية جدًّا: الإحجام عن التردد على الأطباء، التردد على الأطباء والإكثار منه يولِّد الأوهام المرضية، وأفضل وسيلة وطريقة متبعة في معظم الدول الأوروبية هي أن يُراجع الإنسان طبيبه - أي طبيب الأسرة - بصفة دورية، من أجل إجراء الفحص العام والكشوفات العامة، هذا وجد أنه مفيد جدًّا، والفحص العام يمكن أن يكون مرة واحدة كل ستة أشهر بالنسبة لمن هم دون الثلاثين عامًا، ومَن هم فوق الثلاثين عامًا يمكن أن يقوموا بإجراء هذا الفحص مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر.

إذًا هذا هو المطلوب منك، وبالنسبة لفيتامين (د) يجب أن يعوض وتعويضه سهل جدًّا، تُوجد مركبات من فيتامين (د) يتم تناولها بانتظام على الأقل لمدة ستة أشهر، والنتائج -إن شاء الله تعالى- رائعة جدًّا.

من الأشياء التي تحِدُّ من الخوف من الأمراض: الأذكار، وأن تسألي الله تعالى من سيئ الأسقام، وأن يهب لك الصحبة والعافية، وبر الوالدين أيضًا يمثِّل إضافة إيجابية حقيقية من أجل أن يستمتع الإنسان بصحته.

بقي أن أقول لك: إن تناول أحد مضادات القلق ومحسّنات المزاج ومضادات المخاوف سوف يساعدك كثيرًا، إن استطعت أن تذهبي إلى الطبيب فهذا أمر جيد، وإن لم تستطيعي فعقار (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) سيكون دواء مثاليًا، ابدئي في تناوله بجرعة خمسة مليجرام (نصف حبة) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرين يومًا، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرين يومًا أيضًا، ثم بعد ذلك توقفي عن تناول الدواء، وبذلك تكون الدورة العلاجية الدوائية قد اكتملت وبصورة صحيحة، لأنك قد بدأت بالجرعة التمهيدية - أي جرعة البداية - ثم الجرعة العلاجية، والتي هي في حالتك جرعة بسيطة وصغيرة، ثم بعد ذلك انتقلت إلى الجرعة الوقائية، ثم جرعة التوقف التدريجي من الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأرجو أن تأخذي بكل السُّبل والطُّرق والآليات العلاجية التي ذكرناها لك، فهي مُكمِّلة لبعضها البعض، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً