الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بخوف من الموت، فهل وسواس أم اقتراب الأجل؟

السؤال

السلام عليكم.

عندي وسوسة الموت، وكنت أفكر كثيراً بالموت، وبقصص الموتى، وعلامات الموت ومثل هذه القصص، لكني -الحمد لله- قبل أيام عملت رقية شرعية، وقال لي الراقي هذا من الشيطان.

تحسنت وذهبت إلى مكان نسيت فيه شيئاً، وحين رجعت قال أحد الإخوة: ينساك الموت.

الغريب أني ما خفت كالعادة، وكنت مشغولاً حين قعدت لوحدي، وصار يأتني إحساس وخوف مثل السابق وعلامة الموت، وأنه لو كان وسواساً لكنت خفت أكثر وصار عندي أفكار كثيرة.

بحثت عدة ساعات على الانترنت وأصابني خوف وقلق وتفكير، فهل هذا وسوس أم اقترب الأجل أم حديث النفس من كثرة التفكير؟ وما قلت شيئاً فيه إثم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ hahaav حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: لا بد للإنسان من قناعة ثابتة وقوية وصلبة أن الموت مآل كل إنسان، وأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقص من عمر الإنسان لحظة، هذا مهم جدًّا، ولا بد للإنسان أن يستعدَّ للموت، أي بمعنى: أن يستعدَّ للقاء ربه {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يُشرك بعباده ربه أحدًا}

إن إحدى وسائل الاستعداد هي أن تعيش هذه الحياة بقوة وصلابة، وأن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، وأن تتقي الله في كل شيء.

هذا لا يعني أبدًا أنك تعيش هواجس الموت في كل لحظة، لا، إذا انتهجت هذا الطريق -إن شاء الله تعالى- سوف تحسّ أن خوفك من الموت أصبح خوفًا عاديًا منطقيًا طبيعيًا، هذا أمرٌ مهم جدًّا.

الأمر الثاني: يجب أن تستثمر حياتك، الذي يظهر لي أنك لا تُدير وقتك بصورة ممتازة، ليس لك مشاريع مستقبلية. الحياة فيها ما هو جميل وما هو طيب، ويجب على الإنسان أن يعيشها بقوة كما ذكرت لك، وأن تستثمر وقتك، ماذا تُريد أن تعمل غدًا؟ ما هي مشاريعك لتطور من ذاتك، لتُساعد أسرتك، لتزيد من معارفك؟ هذا مهم جدًّا.

الخوف لا يُطرد إلَّا من خلال هذه الآليات التي مرَّت، وعليك بالصبحة الطيبة، هذه مهمة جدًّا، والصلاة مع الجماعة مفرِّجة للكرب وتزيل الخوف.

أيها الفاضل الكريم: زيارة المرضى في المستشفيات أمرٌ عظيم، والمشي في الجنائز أمرٌ عظيم، هذا يزيل الخوف المرضي من الموت، ويعطي الإنسان الخوف الشرعي المطلوب ويعمل لآخرته، فكن على هذا النهج أيها الفاضل الكريم.

أريدك أيضًا أن تمارس الرياضة، الرياضة ذات فائدة عظيمة جدًّا على الإنسان، تقوِّي النفوس، تقوِّي الأجساد، تعطيك ثقة أكبر بذاتك، والصحبة الطيبة أيضًا، فالإنسان يحتاج للرفقة الطيبة، ويحتاج لمن يأخذ بيده، يحتاج لمن يؤانسه، فكن على هذا النهج أيها الفاضل الكريم.

بر الوالدين أيضًا يُنزل على الإنسان هالة من الطمأنينة وراحة البال، فاحرص على ذلك.

أيها الفاضل الكريم: إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا لا بأس أيضًا من أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، عقار (زولفت Zoloft) معروف، وهذا اسمه التجاري، ويسمى علميًا (سيرترالين Sertraline)، عقار رائع جدًّا وغير إدماني ومفيد، جرعته هي أن تبدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا - تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.

كل الذي بك أمر بسيط، هو نوع من قلق المخاوف الوسواسية، وإذا اتبعت ما ذكرته لك من نهجٍ علاجي صحيح، وكذلك تناولت الدواء المطلوب، أعتقد أن الذي بك سوف يزول، وسوف تُصبح نفسك أكثر طمأنينة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله أن يبارك لك في أيامك، وأن يُطيل في عمرك في عمل الصالحات وخير العمل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً