الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخلافات بين الزوجين بسبب تقصير الزوجة في الصلاة وسوء تعاملها مع الزوج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله كل الخير على هذا الجهد الرائع، وجعله في موازين حسناتكم يوم القيامة. اللهم آمين.
سؤالي هو عن كثرة الخلافات الزوجية بيني وبين زوجتي، فقد وصلت إلى حدٍ لا يطاق، فهي عصبيةٌ جداً، عاشقة للنكد والمشاكل، جربت كل الطرق والوسائل الممكنة ولم أفلح، أجاهد قدر الإمكان في إقامة البيت على الكتاب والسنة من أول يوم، هي غير ملتزمة، أحاول معها جاهداً منذ زواجنا -حوالي سبع سنوات- لكي تلتزم بالصلاة، ولكنها توعد وتخلف، تصلي فرضاً وآخر لا، جربت الهجر في الفراش والضرب والتهديد بالطلاق، وإحضار أهلها وتحكيمهم بيننا، ويشهد أهلها أنني زوج مثالي بكل أمانة، ولا فائدة منها.
هذه الأيام ظهرت مشكلة جديدة، وهي أنها ترفع صوتها علي كثيراً، ولا تتحرج عما إذا كنا في سوق تجاري أو أمام الأهل والأصدقاء، أو في الطريق العام، حذرتها كثيراً من ذلك، وهددتها بالطلاق إذا أصرت على رفع صوتها علي، إنها تريد عبداً حبشياً يسير وراءها وليس زوجاً تكون له أمة، جربت أيضاً أن أكون لها عبداً لتكون لي أمة ولكنها صارت ملكة تأمر وتنهى وتنهر، أعرف أن الحل الأمثل لها هو الطلاق، ولكن عندنا ثلاثة أطفال أخشى عليهم من العواقب، وأخاف أن ينطبق علي حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)، حياتي الآن قطعة من جحيم.
أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسأل الله أن يعيننا وإياك لما فيه الخير والرضا.
قرأت استشارتك، والتي تتعلق بسلوك زوجتك من عدم طاعتها لك، وتركها للصلاة، ورفع صوتها عليك ... إلخ
أخي، لم يجعل الله المرأة كالرجل في اتزانها ومعرفتها وعقلها؛ لذا وصفهن النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن (ناقصات عقلٍ ودين).
ولعل هناك خطأ وقعت فيه في بداية حياتك الزوجية معها، وهي أنك حاولت وبسرعة جداً أن ترفعها إلى مستواك من الالتزام بالكتاب والسنة، وهذا خطأٌ كبير، ونسيت أخي هذه الفوارق.
نعم، أمرنا الله بإزالة المنكر، والأمر بالمعروف، ولكن بالأسلوب القرآني، فالداعية ليس هو القاضي، إنما هو داعية فقط، عليه هداية البيان والإرشاد، أما هداية الاتباع والتوفيق فهي من عند الله، ألم تقرأ:
((إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ))[القصص:56]، فالهداية من الله وحده؛ لأن القلوب بيده وحده، ثم ألم تقرأ في قصة رسولين عظيمين، أحدهما من أولي العزم من الرسل، وهما نوح ولوط عليهما السلام، فقد ابتلاهما الله بامرأتين خائنتين فصبرا عليهما حتى نزل فيهما أمر الله ولم يقدما على الطلاق؟!

أخي، إن الله يحاسب الإنسان على التقصير في عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يحاسب الإنسان على عدم هدايته للناس، فإذا علمت هذا فأقول لك:

ارجع إلى زوجتك، وأحسن معاملتها، وكن ليناً، وغض الطرف عن أخطائها، ولا تحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، فإن تركت الصلاة فاتركها يوماً أو يومين، ولا تبدي لها غضباً، وفي الثالث تحدث معها بلينٍ ورفق وحب، وقل لها: إنك تحب لها الخير كما تحبه لنفسك، وتتمني أن تكون شريكتك في الجنة، ...ومثل هذا القول الطيب، فإن أطاعت فلله الحمد والمنة، وإلا فاتركها، ثم عادوها بعد ثلاثة أو أربعة أيام، هذا بشأن الصلاة.
أما تعاملها معك، فلماذا لا تتحملها أخي وتصبر عليها وعلى أذاها، فإن رفعت صوتها فاسكت، وإن هاجت في البيت فاخرج واتركه، وإن رفضت أمراً فاتركه، أنسيت أنك داعية، والداعية طبيب، والطبيب مُعالج، ولا ييأس من المريض حتى يموت، فكيف بشريكة حياتك إن لم تصبر عليها حتى تهديها، فكيف ستصبر على الآخرين؟! أتتركها تذهب إلى النار؟!
أخي! إن سلكت هذا الأسلوب في التعامل معها، وهو أسلوب اللين والحب والمودة، بعيداً عن الاستفزاز والمشاجرة ستجد ثماره إن شاء الله، لقد أرسل الله من هو خيرٌ منك إلى من هو أسوأ منها، حيث أرسل موسى وهو رسول إلى فرعون وهو قمة الكفر، فلم يأمره بقتاله ولا سبه ولا شتمه، إنما قال لموسى عليه السلام: ((فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى))[طه:44].
فابدأ واستعن بالله، ثم بالصلاة، ثم بالصبر، ثم بالدعاء عند السحر بالهداية لك ولها، فإن نجحت فهذا خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، وإلا فالأجر ثابتٌ إن شاء الله، وابتعد عن وساوس الطلاق، فهذا علاج العاجزين.
وفقني الله وإياك لما فيه الخير والرضا. اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً