الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تعاني من كتمة نفس ورجفة وتشنج تفقدها الذاكرة للحظات، فما تفسير الحالة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدايةً كلمات الثناء لا تستطيع أن تفيكم حقكم على ما تقدمونه من مجهودات في هذا الصرح الرائع، فشكرا لكم كل الشكر.

أختي أصيبت قبل أسبوع بصداع، فذهبت إلى المستشفى، وعند العودة إلى المنزل استلقت قليلا، فإذا بها تصاب بشهقة، وكتمة نفس، ورجفة، شيء يشبه التشنج، لكن العضلات لم تتشنج، فأغمي عليها، وعندما أفاقت لم تتذكر ما حدث، ولم تتعرف على بعضا منا لفترة قصيرة، ثم رجعت طبيعية.

راجعت المستشفى، فكانت كل الفحوصات سليمة 100٪، صورة الدم كاملة، الأشعة المقطعية للرأس، والأشعة السينية، وتخطيط القلب، وكل الفحوصات سليمة -ولله الحمد- سألني الطبيب:هل تعاني أختك من ضغوطات نفسية؟ فقلت له: لا، ولا أعلم إن كانت تكتم شيئا، فما الذي حصل لها؟

أرجو إفادتنا، نحن في حيرة، علما أن النوبة ذاتها تتكرر معها من أربع إلى خمس مرات يوميا، أتمنى أن تجيبوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على طباعك الإيجابي عن موقعك إسلام ويب، وبارك الله فيك على اهتمامك بأمر أختك التي أسأل الله تعالى أن يشفيها ويُعافيها.

هذه الفتاة - حفظها الله - نستطيع أن نقول أن كل فحوصاتها العضوية جيدة وسليمة، وأعراضها يمكن أن تُفسَّرُ تفسيرًا نفسيًا، والتفسير النفسي الأقربُ هو أنها ربما تُعاني من شيءٍ من القلق أو التوتر الداخلي والمُقنَّع، والذي - كما تفضلتِ - ربما أنها كانت تكبتُ مشاعرها ولا تفصح عمَّا بداخلها، وليس من الضروري أبدًا أن يكون لديها مشكلة، في بعض الأحيان الأشياء البسيطة قد تؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية شديدة خاصة إذا كان الإنسان حسَّاسًا.

وكما هو معروف فإن النفس والجسد لا ينفصلان، ما يؤثِّر على النفس يؤثِّر على الجسد، وما يؤثّر على الجسد يؤثِّر على النفس، وكثيرًا ما يُعبِّر الإنسان عن أعراضه النفسية جسديًّا، ونعرف تمامًا أن القلق والتوتر النفسي والانفعالات النفسية السلبية قد تمرُّ بمرحلة تحوُّلية، ويُعبَّر عنها جسديًا، أي أنه يتم تحويل أو تحوُّل العرض النفسي ليظهر في شكل عرضٍ جسدي، والشعور بالصداع وضيق النفس والإغماء والتشنُّجات هي من أكثر الأعراض النفسية التي نُشاهدها والتي هي انعكاس عن حالة قلقية نفسية داخلية، وهذا لا يعني وجود مشكلة - كما ذكرتُ - قد يكون الأمر بسيطًا ولكنَّ حساسية الشخص جعلته يُعبِّرُ بهذه الكيفية العضوية، والأمر ليس فيه أي تصنُّع، حتى وإن كانت هنالك مشاكل أو صعوبات نفسية أو كبت، فالتعبير عنه يتمُّ عضويًا من خلال العقل الباطني وليس من خلال الوعي والإدراك، هذا يجب أن يكون واضحًا.

هذه الفتاة فحوصاتها كلها سليمة، وهذا أمرٌ مشجِّعٌ جدًّا، وهنالك فحص واحد ربما يكون من الأفضل القيام به، وهو تخطيط الدماغ. في بعض الأحيان - وفي حالات نادرة - ربما يكون اضطراب كهرباء الدماغ هو الذي يؤدي إلى نوعٍ من الإغماء، ليس من الضروري أن يكون في مستوى الصرع المعروف، إنما مجرد تغيرات وعدم توازنات بسيطة في كهرباء الدماغ، ربما تؤدي إلى هذه الحالة.

أنا لا أقول أن هذا الفحص فحصًا حتميًّا وضروريًا، لكن يجب أن نضعه في الاعتبار إذا لم تتحسَّن حالة أختك هذه، وأعتقد أن الذي تحتاجه فعلاً هو أن تتجاهل تمامًا هذه الأعراض، ومن جانبكم عليكم أن تُشجِّعوها، وأن تجعلوها تفرِّغُ وتُفضفضُ عمَّا بداخل نفسها، وأن يكون لها اعتبارها داخل الأسرة، وأن نُساعدها - إن كانت في مرحلة دراسية - لتحسين إدارة وقتها، وتكون عضوًا فعّالاً داخل الأسرة.

كما أن تطبيق أي تمارين رياضية وكذلك تمارين استرخائية سيكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لها، وفي بعض الأحيان الأدوية البسيطة المضادة للقلق ربما تُساعد أيضًا في هذه الحالات، لا أعتقد أنها في حاجة لهذه الأدوية في هذه الحالة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً