الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فكرة الزواج ترعبني، لذلك أتهرب من الانخراط في المجتمع، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أريد في بداية الأمر أن أتوجه لكم بخالص الشكر والتقدير على هذا الموقع المميز، وجعل الله ما تقدمونه في موازين حسناتكم.

أنا فتاة عمري 34 سنة، موظفة منذ سنة، وراتبي جيد، أعاني من خوف شديد من الزواج، ولا أفكر أبدا في الارتباط، ولا أعرف السبب، وهذا الأمر جعلني أخشى حضور الحفلات والمناسبات، حتى لا تراني أي امرأة وتخطبني لابنها أو قريب لها، وعند الحضور أشعر بخوف وقلق، ونبضات قلبي تتسارع، وأفقد التركيز.

في السابق كنت أحلم بهذه الوظيفة، ولكن حاليا بعد أن ازدادت مخاوفي من موضوع الزواج، لم أعد أجد الراحة في عملي، أشعر بقلق وتوتر عندما يقمن زميلاتي بفتح موضوع الزواج، أخشى من نظراتهن لي، أو تفكير إحداهن بخطبتي لأخيها، لم أعد أستمتع بأي شيء، أعلم جيدا بأنه عندما يتقدم أحد لخطبتي سيوافق أهلي، وهذا ما يجعلني أفضل الاختباء عن أنظار الآخرين، أخشى تلك اللحظة، وأفكر لو تمت خطبتي، ماذا سيحدث؟ أشعر بأنني سوف أموت.

علما بأن إحدى زميلاتي حدثتني عن أخيها، ولكنني رفضت، لأنني لا أستطيع التغلب على هذه العقدة، لا أستطيع بسبب حالة الخوف التي تأتيني، وتستمر عدة أسابيع، خوف ووساوس لا نهاية لها، وتسارع نبضات القلب، وفقدان الشهية، والشعور بالفشل والعجز.

حاليا بدأت تزيد هذه الأعراض من التفكير في المستقبل، حياتي أصبحت دوامة من القلق والخوف والترقب، أصبحت أفضل الموت على هذه الحياة، علما أنني أصبت وأنا في عمر 14 سنة بخوف من النوم، لدرجة أنني لم أستطع النهوض من الفراش، استمرت الحالة معي لعدة سنوات، حاليا خفت، لكن ما زالت تصاحبني عندما أذهب إلى مكان، أو نسافر، وأشعر أنني لن أتمكن من النوم، لقد تحولت إلى عقدة نفسية.

سؤالي يا دكتور: ما تفسير حالتي؟ وهل من علاج يقضي على هذه المخاوف، ويجعلني أتزوج وأعيش كبقية الفتيات؟ وهل هناك علاج دوائي يجعلني أستطيع التفكير بدون خوف، ويوقف هذه الوساوس؟ وهل ستتدهور حالتي، وأصاب بأمراض نفسية أخرى إذا تقدم لي أحد؟

علما بأنني أعيش في منطقة لا يوجد بها مصحة نفسية، لكي أطلب منهم المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رباب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لكِ العافية.

حالتكِ واضحة جدًّا، أنت لديك مخاوف وسواسية ذات صيغة ومحتوى تشاؤمي، وهذا معروف، وهذه الوساوس تمَّ تثبيتها وتدعيمها وتطويرها من خلال حوارها، أنت تُكثرين من مناقشة هذه الوساوس، وتسترسلين معها، وهذا قطعًا يزيد من تشابكها، ويجعلك أكثر إحباطًا وقلقًا وتشاؤمًا، فيجب أن تُغلقي على هذه الوساوس وتقتنعي بأنها حقيرة، وما هو حقير يجب على الإنسان ألا يشغل باله به أبدًا.

حين تأتيك الفكرة خاطبيها مباشرة: (أنتِ فكرة وسواسية حقيرة، ولن أناقشك أبدًا، أنا سوف أتزوَّج، وسوف يهب لي ويرزقني الله تعالى الزوج الصالح، وأعيش حياةً طيبةً وهانئةً وسعيدةً)، أدخلي هذا الفكر المخالف إلى نفسك وأرسلي إليها رسائل إيجابية، مع ضرورة عدم مناقشة الفكر الوساوسي، هذا مهم جدًّا.

عليك أيضًا أن تتخلصي تمامًا من الفراغ الزمني والفراغ الذهني، لأن الوساوس تتصيَّد الناس حين يكونون في أوقات الفراغ، أو ليس لديهم شيئًا مفيدًا يستطيعون القيام به.

الحياة فيها أشياء طيبة، فيها أشياء كثيرة، الإنسان يمكن أن يكون إيجابيًا، يكون نافعًا لنفسه ولغيره، وتكون له مشروعات حياتية يسعى لتحقيقها، أرجو أن يكون هذا نهجك.

العلاج الممتاز والجميل والذي سوف يُساعدك هو العلاج الدوائي أيضًا، هنالك دواء رائع يعرف تجاريًا باسم (سيروكسات Seroxat) ويعرف علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) وهو دواء ممتاز ورائع، وأفضل نوع من هذا الدواء يعرف باسم (CR) دواء ممتاز، غير إدماني، غير تعودي، لا يؤثِّر على الهرمونات النسوية، وهو من الأدوية التي تُعالج هذا النوع من الوساوس التشاؤمي.

الجرعة هي: 12.5 مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين، يتم تناولها بعد الأكل، ثم تجعليها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم 12.5 مليجراما يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم 12.5 مليجراما كل ثلاثة أيام مرة واحدة لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء ربما يفتح شهيتك قليلاً نحو الطعام، خاصة السكريات، فأرجو أن تتحوطي حتى لا يزيد وزنك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً