الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخرجت من الثانوية العامة وأريد التخصص المناسب، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة تخرجت من الثانوية العامة من القسم العلمي، بمعدل جيد، والحمد لله، عندي عدة مشاكل يكاد ينفجر منها رأسي من كثرة التفكير فيها، وفي حل لها دون الوصول لنتيجة.

لا أعرف كيف أتصرف مع أبي لتثبيته من أجل إدخالي للجامعة، حيث أنه يستشير أهله في كل شيء، ولا خير يأتي من استشارتهم، فمنذ سنتين تخرجت أختي الكبرى، وقد أراد أن يزوجها رغم أن معدلها كان جيداً، ولم تدخل الجامعة إلا هذه السنة التي كنت فيها أنا في آخر سنة لي في الثانوية.

لست أبالغ في الحديث عن أبي وعائلته، فالرجاء أخذ الموضوع بجدية، فأبي وأمي مطلقان، وأنا وإخوتي نعيش مع أمي، ولكن جوازات سفرنا مع أبي، وهو يرفض أن يعطينا إياها لنتصرف بما يناسبنا.

أريد التقديم لمنحة دراسية هنا في دولة الإمارات أو خارجها، ولكن لا أعرف لمن ألجأ، ومن سيساعدني؟ لأنني لا أجد أي استجابة من والدتي.

علماً أن عندي مشكلة في تقييم ذاتي، لا أستطيع أن أتخيل نفسي في وضع الآخرين وتوقع ردة فعلي، أجهل الكثير عن شخصيتي، ولا أعرف ما الذي ينبغي علي أن أحسنه!

كما أنني لا أستطيع التصرف في المواقف تصرفاً صحيحاً ودائماً ما أعتمد على أمي أو أختي لإعطائي الحل، لأنني أعجز عن تحليل المواقف وتصرفات الآخرين.

لا أستطيع اتخاذ قرارات مصيرية أو التفكير فيها بشكل صحيح، وأجهل نفسي بشكل كبير، وهذا يؤثر على حياتي بشكل يسبب لي الاكتئاب والعزلة.

ما أعرفه عن نفسي هو ما أحب وما أكره فقط، وليس شخصيتي، فما بداخلي وما أريده عالم، وما أتصرفه شيء آخر تماماً.

أنا متحيرة بشأن التخصص الجامعي الذي علي أن أختاره، وميولي نوعاً ما ليس علمياً، حيث أنني أحب الرسم وكرة السلة والكتابة، كما أنني أيضاً جيدة في المواد العلمية وأفهمها.

فكرت في اختيار الطب لأنني أريد أن أكون ذات تأثير إيجابي على الناس وأساعدهم، وصليت استخارة لهذا الموضوع لكنني لا زلت محتارة جداً.

لدي خوف من صعوبة التخصص والمسؤولية الكبيرة التي ستقع على عاتقي، أو أن أتحول إلى تخصص آخر بعد دخول كلية الطب.

الرجاء المساعدة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

الطريقة التي عرضت بها المشكلة تدل على أنك مستوعبة لما يحصل، وهذا مؤشر جيد ومبشر بالخير، ونؤكد لك أنك تجاوزت بحول الله وقوته، المراحل الصعبة، وأعطاك الله قدرة جعلتك تضعين يدك على مواطن الخلل، ونتمنى أن تكتشفي نقاط القوة والتي منها أنك تواصلت مع موقعك، حيث الخبراء والخبيرات، وكلهم لكم في مقام الآباء والأمهات، فاحمدي الموفق رب الأرض والسموات، وثقي بأنه وحده من يملك الكون وبيده الخيرات، وأن أهل الأرض وإن اجتمعوا وخططوا وكادوا لا يملكون جلب الخير ولا دفع المضرات.

ننصحك بالاقتراب من والدك، والإحسان لوالدتك؛ لأن ما بينهما من الخلافات لا يبيح لك التقصير في حق أحدهما، واحرصي على حسن العلاقة مع الأعمام والعمات، والأخوال والخالات، واعلمي أنه لا توجد نفس بشرية تخلو من الضعف والخلل، ولكن طوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور الحسنات، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه، فاكتشفي نقاط القوة، والتي منها تجاوزك للمراحل الدراسية، ووصولك إلى المرحلة الجامعية، فاحمدي رب البرية، وتذكري من حرموا حتى من المراحل الأساسية.

أرجو أن تعمقي إيمانك بالله؛ لتقوى ثقتك فيه، واعلمي أن ثقة الفتاة في نفسها فرع عن ثقتها بربها، ولا يخفى عليك أنه لا حرج في مشاورة من حولك، وعليك بالاستخارة عند حصول الاحتيار، ففيها طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، فإذا شاورت واستخرت وعزمت فتوكلي على الله، وتذكري أن دور من حولك إرشادي، وأنك صاحبة القرار، وعليك أن تفكري في الخيارات، والعواقب، والبدائل، واختاري ما هو أرضى لله -أولا- ثم ما يحقق لك المصالح، ولن تجدي إلا الخير، فربنا لم يشرع لنا إلا ما فيه الخير.

أما بالنسبة للتخصص الدراسي، فاختاري ما تجدين في نفسك وتشعرين بميل نحوه، ولا تبحثي عن الأسهل، وكوني على قدر التحدي، ولا شك أن الطب مهنة شريفة، ونساؤنا وأطفالنا بحاجة إلى طبيبات متميزات، ونأمل أن تكوني منهن، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن ينفع بك بلاده والعباد.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالاهتمام بصلة الأرحام، وتجنبي سوء الظن بهم أو بغيرهم، وكوني سليمة الصدر، وثقي بأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، فاقصدي الخير، وافعلي الخير، وأملي ما يسرك، ونسأل الله أن يرفع درجتك، وأن يعلي قدرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً