الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس القهري والتشاؤم، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم.

كلما جاءني أمر مهم قد يضيف إلى حياتي شيئا مفيدا كالزواج، أو فرصة عمل جديدة؛ أجد نفسي دائما أتشاءم، وتأخذ رأسي أفكار في هذا الأمر طوال الوقت، في المواصلات، وقبل النوم، وأثناء الصلاة، وتراودني أفكار سلبية بشكل رهيب تصيبني بالاكتئاب والتشاؤم.

وأفكر في أمور غريبة؛ كأن أربط أني لو رأيت رقم سبعة؛ سوف أنجح في الأمر، وإذا رأيت رقم ثمانية؛ سوف أفشل في الأمر الذي أنا مقدم عليه، وأظل أنظر في أرقام لوحات كل سيارة في الشارع، وكذلك في الساعة، وكل شيء فيه رقم، وإذا وجدت رقم ثمانية؛ تسوء حالتي، وغير ذلك من الأمور الوسواسية، وفي النهاية يترتب عليها فشل ذريع، ولا أعلم لماذا يحدث هذا معي؟

كثيرا ما أنسى في الصلاة أني قرأت الفاتحة خلف الإمام، وأقرؤها ثم أظن أني ما قرأت، حيث كنت في صغري أعاني من الوسواس القهري، فقد كنت أتوضأ في وقت كبير، وأكرر الوضوء كثيرا، وكذلك وساوس في الصلاة، وقد قرأت كثيرا عن الوسواس القهري، وأظن أن أعراضه موجودة عندي، ولكن أخشى أن أتناول أدوية كالبروزاك، ويكون تشخيصي لحالتي في غير محله.

أرجو الإفادة، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

أنا قمتُ بتدارس رسالتك، ووصلتُ لقناعة واضحة جدًّا أنك بالفعل تعاني من نمط وسواسي في التفكير، وهذه النمطية سببت لك شيئًا من القلق الداخلي، وقطعًا نوعا من عسر المزاج.

فيا أخِي الكريم: حالتك تأتي تحت نطاق الوساوس القهرية من الدرجة البسيطة، والوسواس من هذا النوع يؤدي بالفعل إلى شعورٍ بالضجر وشعورٍ بالكدر، وهذا نفسه يُولِّد المزيد من القلق والوساوس.

أخِي الفاضل: الشيء الأمثل والأفضل هو أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًا، هذا سوف يزيد من قناعاتك بأهمية تناول العلاج الدوائي، والـ (بروزاك Prozac) دواء رائع ورائع جدًّا، وسوف يفيدك، ولا أشك في ذلك مطلقًا، سوف يفيدك -بإذن الله تعالى-إذا التزمت به وبجرعته وبالمدة العلاجية المقررة.

الجرعة هي عشرون مليجرامًا يوميًا، تتناولها بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها كبسولتين يوميًا –أي أربعين مليجرامًا– وهذه هي الجرعة الوسطية التي تفيد في مثل وساوسك هذه؛ لأن وسواسك أصلاً من النوع البسيط إلى المتوسط.

تستمر على جرعة الكبسولتين يوميًا من البروزاك لمدة أربعة أشهر، وهذه مرة أخرى ليست مدة طويلة، بعد ذلك تخفضها إلى الجرعة الوقائية وهي كبسولة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخِي الكريم: قطعًا تحتاج لآليات سلوكية معروفة، وأهمها: تحقير هذه الأفكار، وعدم الاسترسال فيها، وألا تناقشها، لا تحُاورها، لا تحاول أن تُشرِّحها، هذا يزيد من وطأتها عليك - أيها الفاضل الكريم -.

وبالنسبة لما يتعلق بالصلاة: تلجأ إلى تحقير الوسواس، وتقوم بفعل ضدِّه، ولا تُكرر الوضوء أبدًا، ولا تتوضأ من ماء الحنفية (الصنبور)، حدِّد كمية من الماء في إبريق أو في إناء، وتذكر أن الإسراف مذموم، وتذكر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ بماء قليلٍ جدًّا، وهو قُدوتُنا في كل شيءٍ.

توضأ إذًا بالطريقة التي ذكرتها لك، وتأكد تمامًا أن الوساوس سوف تزول -إن شاء الله تعالى- وهذا الذي أنصحك به، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً