الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من الوساوس الفكرية والقلق والاكتئاب فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الخوف، والقلق، والاكتئاب، وأن الحياة قصيرة، وأنه لا يحق لي أن أفرح فيها، وأعاني من الوسواس القهري عن الله ورسوله، وأن الله ليس بشيء سيء، لا أستطيع ذكره وأكرهه، وأقول بأن الشيطان ليس الله، كيف أتعالج من هذا الوسواس؟ رغم أنني أصلي وأقول أذكاري، لدرجة أنه يصيبني الخوف وأبكي وأدعو في الصلاة، فأخشى أن أخسر طاعتي لله بسبب هذه الأفكار، فأنا خائفة جدا حتى أنني لم أعد مثل قبل صامته، ومكتئبة، وأخاف أن أفقد طاعتي لله ورسوله وأدخل النار، فأنا أعاني من هذه الوساوس منذ أسبوع تقريبا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوسواس بالفعل مؤلم جدًّا للنفس الإنسانية خاصة لنفس المسلم، حين تكون المحتويات ذات طابع ديني، ويا أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الوسواس الذي يأتيك ويقول لك أن الحياة قصيرة وله محتويات أخرى عن الله -عز وجل- والرسول -صلى الله عليه وسلم-: هذا الوسواس يُعالج من خلال أن نُحقِّره، ألا تعريه اهتمامًا، ألا تناقشيه، ألا تحاوريه، ألا تفصِّليه، ألا تحلِّليه، وحين تأتيك الفكرة قولي للوسواس: (أنت فكرة وسواسية حقيرة، لن أناقشك) واصرفي انتباهك عنه تمامًا.

هذا هو العلاج السلوكي باختصار، أما العلاج الأهم في هذه الحالات فهو العلاج الدوائي، الوساوس الفكرية من هذا النوع تُعالج من خلال العلاج الدوائي، والذي يُدعم بالعلاج السلوكي الذي تحدثنا عنه، وفوق ذلك عليك أيضًا بأن تُكثري من الاستغفار، وأن تقرئي المعوذتين، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء.

لا أريد أبدًا أن يُقنعك الوسواس أنه لا داعي للأدوية، أو أن الأدوية لن تكون مفيدة، لا، هذا الكلام خاطئ، الوساوس أيًّا كان نوعها – خنَّاسية أو طبية – أثبت الآن أنها تؤدي إلى تغيرات في كيمياء الدماغ، وهذه التغيرات هي التي تُساعد على استمرارية الوسواس، لذا لا بد أن تُصحح المسارات الكيميائية في الدماغ لنُغلق الطريق أمام الوسواس، وهذه المسارات لا تُصحح إلا من خلال الأدوية المضادة للوساوس، والحمد لله تعالى هي كثيرة ومتوفرة.

فالذي أرجوه منك هو أن تذهبي إلى طبيبٍ نفسي، وإن كان ذلك غير ممكن يمكن أن نُرشدك لدواء بسيط وسليم وفاعل، الدواء يعرف تجاريًا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) والجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة، يتم تناولها بعد الأكل، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، استمري عليها لمدة أسبوعين، ثم اجعليها كبسولتين في اليوم، وهذه جرعة علاجية وسطية معقولة، لأن الجرعة القصوى هي أربع كبسولات في اليوم، لكن لا أرى أنك محتاجة لهذه الجرعة.

استمري على جرعة الكبسولتين كجرعة علاجية لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً