الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو الخشوع؟ وما المقصود بالنية؟

السؤال

السلام عليكم

لما قرأت عن الخشوع، والنفاق، وأمراض القلوب أصبحت أشعر أنني من المنافقات، أو أنني مريضة بإحدى هذه الأمراض وأصبحت أتوتر بسبب هذا الأمر، وأحيانا أخشع في صلاتي وأحيانا لا.

فأنا لدي مشكلتان لا أجد لهما جوابا، الأولى في الخشوع: هل الخشوع يعني فهم الآيات ومعانيها، وعدم التفكير في الأمور الدنيوية، والتركيز في التلاوة؟

أما المشكلة الثانية في النية: ما معنى تجديد النية وكيف تكون؟ فمثلا أنا أريد فعل عمل الخير لكن في نفسي أحدهما يوافق والآخر يتكاسل ويؤجل الأمر، هل معناه أنني سأعاقب من الله بسبب هذا الأمر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zineb حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: جزاك الله خيرا على هذا السؤال الهام، وإيرادك السؤال يدل على خير فيك نسأل الله أن تكوني ذلك وزيادة.
ثانيا: هناك فارق هائل بين خشوع النفاق وخشوع الإيمان.

خشوع أهل الصلاح يظهر في انكسار قلوبهم لله بالتعظيم، والإجلال، والوقار، والمهابة، والحياء، وحين يخشع القلب تتبع الجوارح بالتبعية، تبكي العين يضطرب الفؤاد هذه كلها تابعة لخشوع القلب.

أما خشوع النفاق: فلا يظهر على القلب منه شيء، بل تتحرك الجوارح اصطناعا طلبا لثناء زيد أو مدحة عبيد، وهنا تظهر هذه الحركات كالبكاء وغيره تصنعاً وتكلفا والقلب غير خاشع وقد قال بعض الصحابة: أعوذ بالله من خشوع النفاق قيل له :وما خشوع النفاق؟ قال :أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع إذا صلى أمام الناس بكي، وإذا صلى وحده لهى، إذا كان أمام الخلق تماوت في العبادة، وإذا كان في خلوته حارب الله بالمعاصي.

وقد قال الإمام الشاطبي كلاما نفيسا ننقله بطوله، يقول رحمه الله ": والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها لا بما يخالفه، وكل بدعة فللهوى فيها مدخل، لأنها راجعة إلى نظر مخترعها لا إلى نظر الشارع، قال بعض الصحابة: أشد الناس عبادة مفتون، واحتج بقوله عليه الصلاة والسلام: يحقر أحدكم صلاته في صلاته، وصيامه في صيامه إلى آخر الحديث وهو متفق عليه، ويحقق ما قاله الواقع كما نقل في الأخبار عن الخوارج وغيرهم.

فالمبتدع يزيد في الاجتهاد لينال في الدنيا التعظيم، والمال، والجاه وغير ذلك من أصناف الشهوات، بل التعظيم على شهوات الدنيا، ألا ترى إلى انقطاع الرهبان في الصوامع والديارات عن جميع الملذوذات، ومقاساتهم في أصناف العبادات والكف عن الشهوات وهم مع ذلك خالدون في جهنم ؟! قال الله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً {الغاشية:2-4} وقال: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا {الكهف:103-104}.
وما ذاك إلا لخفة يجدونها في ذلك الالتزام، ونشاط يداخلهم يستسهلون به الصعب بسبب ما داخل النفس من الهوى، فاذا بدا للمبتدع ما هو عليه رآه محبوبا عنده لاستبعاده للشهوات وعمله من جملتها ورآه موافقا للدليل عنده، فما الذي يصده عن الاستمساك به والازدياد منه، وهو يرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره.

وعليه ففهم الآيات وتدبرها من أعظم القربات إلى الله ومن أعظم ما يلين القلب وهو المطلوب من المسلم، وتجديد النية المراد منه أنه أثناء طاعتك لله قد يطرأ عليك الشيطان فيخبرك أنك تفعل ذلك رياء أو طلبا للمدحة أو غير ذلك فلا تترك العمل ولكن جدد النية أي اذكر في داخلك أنك تريد وجه الله -عز وجل-، وإن تركت المكان الذي يراك الناس فيه متعبدا فحسن، وإن لم تستطع فيكفيك تجديد النية.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً