الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد تحسن حالتي هل أتناول العلاج عند التدريس وكيف أزيد الثقة بنفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا شاب، أبلغ من العمر 33 عاما، أعمل مدرسا، تعرضت للاكتئاب خلال سفري إلى المملكة العربية السعودية، وذلك عند انتقالي من مكان إلى مكان أفضل منه، حيث كنت -والحمد لله- متميزا في المكان الأول، وانتابتني حالة من الخوف بأنني أقل من المكان الذي انتقلت إليه، وأنني سوف أفشل فيه، وازداد الخوف إلى درجة عدم النوم، والتفكير، وحالات شديدة من البكاء الشديد، ثم ذهبت إلى الطبيب، ووصف لي منوما ومعالج الاكتئاب وأظنه (لوسترال) واستمررت على العلاج تقريبا شهرين، وشفاني الله وعافاني، وتميزت في المكان الذي عملت به.

بعد مرور عامين فيه جاءتني فرصة عمل حكومي، فنزلت في مصر، وبعد نزولي خفت خوفا شديدا من الفشل، وتعرضت لحالة أشد من الاكتئاب، فتركت العمل لفترة، وذهبت للطبيب مرة أخرى، ووصف لي (لوسترال) و(ريميرون) وبعد فترة من العلاج تعافيت، ولكن مع بداية كل عام دراسي أشعر بالخوف، ودائما أخاف خوفا شديدا من الفشل، وتعرضت لحالة أخرى من الاكتئاب في العام التالي من نزولي إلى مصر، ولكن كنت أكثر تماسكا.

ذهبت لنفس الطبيب، ووصف لي (لوسترال50) نصف حبة، و(ريموران30) نصف حبة، و(تريبتزول 25) و(تجريتول 200) قرصا، واستمررت على العلاج تقريبا 6 أشهر، مع زيارات متكررة على فترات متباعدة، وقال لي آخر مرة: إنك طيب والحمد لله. وإذا شعرت بالمرض تناول (الوسترال) نصف حبة و(التجريتول) وفعلا حدث بعد الضيق عندي، واستمررت عليه لمدة شهر خلال منتصف العام.

أنا -الحمد لله- في نعمة، وطلابي يحبونني، ورؤسائي في العمل يثنون علي، ولكن تأتيني فترات أشعر أنني لا أستطيع التدريس، وأن الطلبة لا تفهم مني شيئا، وأشعر بالضيق، فهل أستمر على الروستروال كلما حدث ذلك؟ وكيف أزيد الثقة بنفسي؟ وأنا -الحمد لله- على قدر من الالتزام، وأعلم أن الأرزاق بيد الله.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ osama حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هناك نوع من الشخصية في الطب النفسي يكون صاحبها يميل إلى المثالية والانضباط الشديد، والتقيد بالروتين، ويكون قلقًا شيئًا ما، ويحب أن يرتِّب أموره، ولا يحب المفاجآت أو الأشياء الطارئة، وعادةً يحصل لهم تعب شديد عند التغيير، خاصة تغيير الأماكن أو تغيير الوظائف، وأحسبُك من هذا النوع، فكلما حصل في تغيير في حياتك بالانتقال من مكانٍ إلى آخر؛ أُصبتَ بأعراض الاكتئاب كما ذكرت، واستشفَّيتُ أنا من ذلك لأنك تتعافى بسرعة، في خلال شهرين، وهذا يوحي بأن الاكتئاب عندك اكتئاب ثانوي، وليس اكتئابًا رئيسيًا؛ لأنه إذا كان اكتئابًا رئيسيًا فعادة لا يتعافى صاحبه بهذه السرعة.

أخِي الكريم: إنني أرى باستقرارك الآن في مكانٍ واحدٍ وكما ذكرتَ أنك شخص محبوب، وتؤدي عملك بانتظام، فإن هذا سيُكسبك الثقة، الثقة في النفس عادةً تُكتسب، لا تأتي بالأدوية ولا بالوصفات الطبية، ولكنك تكتسبها كلما أدَّيت عملك بإتقان، وكما ذكرت أنت الآن وجدت الثناء من الطلاب ومن الزملاء ومن ذويهم، هذا يُكسبك مزيدًا من الثقة في النفس، وإن شاء الله تعالى هذا يؤدي إلى تقليل ما تحسُّ به من عدم الثقة في النفس.

أما عن دواء (لسترال Lustral) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) فإنك قد تكون استشفيتَ أني لا أميل لها كثيرًا في حالتك هذه، ولكن إذا كان الاكتئاب جاء بصورة غير محتملة فلا بأس من أن تتناول هذا الدواء، فهو عادة لا يؤدي إلى الإدمان، وليس له أضرار وآثار جانبية كثيرة، فيمكن أن تستعمل الدواء بجرعة حبة ونصف، الدواء عادة يأتي في جرعة خمسين مليجرامًا، نصف حبة بعد الأكل وحبة بعد الأكل لعدة أشهر، لا بأس، شهرين أو ثلاثة أشهر، ويمكن التوقف عن تناوله بعد ذلك.

والحمد لله تعالى أنك شخص ملتزم، فيجب عليك فهم نفسك، وفهم شخصيتك، فهذا يؤدي إلى قبولك بنفسك وإلى احترامك لنفسك، وبالتالي مزيدًا من الثقة، وإن شاء الله تعالى تبتعد عنك أعراض الاكتئاب.

وفقك الله، وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً