الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متزوجة منذ سنوات ولم أحمل، هل هذا بسبب النحس؟

السؤال

السلام عليكم
أنا حاليا في وضع محبط، وأحتاج بشدة لاستشاراتكم القيمة.

أنا بنت جامعية من عائلة معروفة بسمعتها الطيبة، كنت طوال عمري محظوظة وأحصل على كل شيء تقريبا، لم أكن أؤمن بالنحس إلى أن تزوجت بعدما تخرجت من الجامعة بأسبوعين، زوجي إنسان رائع بمعنى الكلمة وتجمعني به علاقة حب متينة، ولكن من يوم تزوجت والنحس لا يفارقني، حيث أني بالرغم من 4 سنوات زواج لم أنجب ولم أحصل على وظيفة، وما زلنا نعيش في بيت ملحق أشبه بالسجن في بيت أهل زوجي.

السبب وراء كتابتي لهذه الاستشارة هو سؤالي: هل النحس موجود؟ لأني قدمت تقريبا 15 مقابلة شخصية ولكن لم أتوفق في أي منها، وبعض المقابلات كنت من الأفضل وأترشح للنهاية، لكن كنت أخسر الوظيفة بطرق غريبة، وأيضا موضوع البيت حيث أن زوجي يبني بيتا من ثلاث سنوات ويتأخر لأسباب غريبة، فقدت إحساسي بالحياة حيث إني أسكن بعيدا عن أهلي، أصبحت إنسانة حزينة ولا أتفاعل مع الناس، أشعر بأن الكل ينظر لي نظرة شفقة، ولم أحس بطعم السعادة منذ سنوات، كل ما أريده وظيفة حال بقية زميلات دراستي، وحياة سعيدة مع زوجي لا ينقصها شيء، أريد أن أتفاءل، ولكن كلما أتذكر أني تفاءلت يوما ما، وأتذكر ما حصل بعدها أحس بالتشاؤم الشديد.

هل يمكن السبب وراء مصائبي شيء فعلته؟ أو أن الحياة كانت هكذا دائما وأنا الآن أعيشها فقط؟! دائما أتمنى الموت حتى بأبشع الطرق، أحس أن حياتي أصبحت عبئا علي، وأتمنى أن تنتهي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُفرِّج كربتكم، وأن يقضي حاجتكم، وأن يجعل لكم من لدنه وليًّا ونصيرًا، إنه جواد كريم. كما نسأله تبارك وتعالى أن يغيِّر حالكم إلى أحسن حال، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- ففي الواقع لا يوجد هناك شيء يُسمى نحس، وإنما هناك أقدار الله تبارك وتعالى، فالله تبارك وتعالى -كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم- قدَّر المقادير وقسَّم الأرزاق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن المقادير التي قدّرها الله تبارك وتعالى قضية الأرزاق، وقضية الصحة والمرض، والأولاد وعدم الأولاد، وقضية الوظائف، وقضية العمر، كل هذه القضايا التي تتوقعيها الله تبارك وتعالى قدَّرها قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فالسعادة والشقاوة والحزن والرضا والغنى والفقر والصحة والمرض والموت، كل ذلك انتهى منه مولانا جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن.

إلا أن هذه الأمور لها أسباب، سبَّبها الله تبارك وتعالى، هذه الأسباب قد يكون أمرها خارج عن إرادة الإنسان لا يستطيع أن يعرف له سببًا، وهناك أسباب أيضًا متعلقة بالإنسان، وأنا أخشى أن يكون هناك أحد قد قام بعمل شيءٍ لكم يُعطِّل حياتكم، وهذا وارد جدًّا، ولذلك أنا أقترح ضرورة عمل رقية شرعية لك ولزوجك، اذهبا معًا إلى راقٍ شرعي ثقة، واجعلوه يقرأ عليكما معًا، لاحتمال أن هناك من حسدكم، أو أن هناك من كاد لكم بأي صورة من صور الكيد، حتى تعثرت حياتكما.

تقولين: هل الحياة كلها هكذا؟ مستحيل أن تكون الحياة كلها هكذا، لأن الله تبارك وتعالى يُحب الإنسان، لأن الله خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه، فآدم عزيز على الله، وأولاد آدم عزيزين على الله، والدليل على ذلك أن الله اتخذ منهم أحبابه واتخذ منهم أوليائه واتخذ منهم أخلاء، فإذًا الله تبارك وتعالى يُحبنا جل وعلا، ولا يكرهنا، ولكن الفكرة كلها تبقى في أن الله يبتلي الإنسان كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُبتلى المرء على قدر دينه) وقال: (نحن معشر الأنبياء أشد ابتلاء، ثم الأمثل فالأمثل) وأيضًا هناك أسباب أن تُسبب هذا الإشكال.

ولذلك أنصح بالرقية الشرعية ضرورة – بارك الله فيك – وهذا لن يُكلفكم شيئًا، ولعلَّ حياتكم أن تتغيّر تمامًا، وثقي وتأكدي – وأنا واثق – بأنك بالدعاء والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وأيضًا المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وحُسن الظن بالله تعالى؛ لأنه قال: (أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظن بي ما شاء) والإكثار من الصلاة على النبي المصطفى محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- والإكثار من قوله تعالى: {وارزقنا وأنت خير الرازقين} سوف تتغيّر حالكم تمامًا.

فأنا أرجو – بارك الله فيك – ألا يتسرب إليكم الإحباط واليأس، وإنما عجلوا بأسرع وقت بالرقية الشرعية، ومن الممكن أن تستمعوا للرقية الشرعية أيضًا في بيتكم بعد الذهاب إلى الراقي أو قبل، فتستمعوا للرقية الشرعية من أي جهاز، وأنصح بالرقية الشرعية للشيخ محمد جبريل – هذا المقرئ المصري – فإنها مفيدة جدًّا، وعليك بالدعاء كما ذكرتُ، وأبشري بفرج من الله قريب.

لا يوجد هناك شيء يُسمى نحس، أكرر ذلك، ولكن يُوجد هناك أسباب، والله تبارك وتعالى مُسبب الأسباب، وجعل لكل شيءٍ سببًا، وعلينا أن نأخذ بالأسباب، والتداوي من هذه الأشياء أمرٌ مطلوب شرعًا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً