الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أراقب مكان المعدة من الخارج للجسد وأتعجب من دورها الكبير

السؤال

السلام عليكم

أراقب مكان المعدة من الخارج للجسد، وأقول كيف بالمعدة البسيطة تفعل بالطعام وتقلبه 360 درجة، لطلوع الفضلات والامتصاص...إلخ، ولا أشعر بالعمل الذي تفعله داخل الجسم، ولا حتى بأصوات إلا قليلاً، وهي المكينة الجبارة، مع أنه أيضاً يقال بأن 80٪ من طاقة الجسم الحرارية الذي يكتسبها تذهب للمعدة، ومع ذلك لا نشعر بالعمل اليومي الذي تفعله؟!

أصبحت منذ ذاك اليوم لا أحب الأكل أو أتناول أعشاباً بسيطة وسلطات، بسبب التفكير للمعدة بأني أساعدها على عملها اليومي، أو المساندة لها أو التخفيف من العبء لديها...إلخ.

لقد تركت كل مضر كالمشروبات الغازية والوجبات الدسمة والأكل الحار، لأجل المعدة.

أعلم بأن تفكيري غبي أو بأن تفكيري عميق جداً، لكن والله كل ما ذكرته أفعله.

علماً بأني أحقر ما أفعله، وعندما أسمع بحمض الفوليك الذي هو قادر على تفكيك كل شيء، وعندما أذهب إلى دورات تدريبية من ناحية الأعضاء الجسدية، وخاصةً المعدة ويشرح الدكاترة عملها الكبير الذي تفعله، عندما أتناول الطعام الثقيل كاللحم والدجاج؛ يأتيني تأنيب الضمير تجاه المعدة، وأتناول ذلك.

كما أني مرةً رأيت شخصاً يأكل القزاز والحديد والحصا، قبل شهرين فأصابتني نوبة هلع بسبب ذلك، وأقول كيف تتصرف المعدة وتعمل تجاه ذلك؟ وهل تحوله تمتص بعضه؟ وهل تحوله إلى فضلات كالطعام أم لا؟

ما توجيهكم لي؟ وهل الذي أفعله خاطئ؟ وكيف أتخلص من التفكير العميق؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قبل التفكير بآلية عمل وفيزيولوجيا المعدة عند الإنسان ذلك المخلوق الذي خلقه الله سبحانه، ومن ثم تعلّمَ أن ينتقي طعامه بعناية ويعمل على طهوه وتعديل قوامه وطعمه، ومن ثم مضغه جيداً، وتتفتت خلالها مكوناته إلى جزيئيات أصغر، وتخلط بأنزيمات هاضمة جزئياً موجودة في لعابه قبل أن تصل لجوف المعدة.

فبل التفكير بذلك علينا أن نتبصر قليلاً في العديد من مخلوقات الله، والتي تحصل على طعامها ابتلاعاً دونما أي تحضير وتهيئة كما ذكرنا عند الإنسان، ونضع هنا مثالاً الأفاعي، فقد أدخلت للدراسة أحد أنواع الأفاعي استطاعت أن تبتلع تمساحاً كاملاً كتلة واحدة، وبكل أعضائه ليجد الباحثون أنه وبعد أيام لم تتجاوز خمسة لم يبق من التمساح أي وجود في جهاز الأفعى الهضمي!

معدة الإنسان تهضم كيميائياً بواسطة مزيج من الحمض والمخاط المفرزين، والأنزيمات الهاضمة كالببسين من جدارها، وما حركات المعدة إلا للمزج ومن ثم الدفع لمحتواها إلى الإثني عشرية.

مع ذلك كله؛ فإن ما يؤذي المعدة في أطعمتنا أو ما نتناوله يعود إلى التأثير الكيميائي على جدارها، كبعض الأدوية والمشروبات المخرشة كالكحول أو التدخين -والعياذ بالله-، أو إضافة الحموض القاسية كملح الليمون للطعام والبهارات الشديدة والحارة، أو أن يكون مضغ الطعام غير جيد وكاف.

عندما يغلب الطعام الدسم على أغذيتنا، وما ننصح دائماً بالتقليل من الدسم، فعلينا أن ندرك أن بقاء الطعام الدسم في المعدة يأخذ دائماً وقتاً طويلاً في المعدة لصعوبة هضمه، وهو من عوامل حدوث الحرقة والحمضة.

نذكر أيضاً أن صحة المعدة هي جزء من صحة الجهاز الهضمي والجسم كاملاً.

أما ما يخص بعض العروض الخارقة كتناول الزجاج أو الحصا؛ فهي في الأصل تعتمد على قوة استثنائية في الأسنان والفك السفلي عند هؤلاء القادرين على تحطيم جزيئات الزجاج القاسي والحجارة، وليتم ذوبانها بحمض المعدة القوي عند الأنسان عقب ذلك لتتفكك مكوناته الكيميائية الأساسية كالكربون والكلس.

أخي الفاضل، يوجد في الإنسان وكافة المخلوقات أعضاء أعقد من المعدة في عملها، كالدماغ والكبد، ومنها ما لا يهدأ لا ليلاً ولا نهاراً كالقلب والرئتين، فسبحان الله الذي سوانا في أحسن تقويم.

وبالله التوفيق.
+++++++++++++
انتهت إجابة وليد البدوي. استشاري الأمراض الباطنية والهضمية وأمراض الكبد
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
+++++++++++++

وقفتك ومراقبتك للمعدة هي وقفة تأمُّلٍ وتدبُّر، تدبُّرٍ في خلق الله العظيم، تأمُّلٍ في محدودية مقدرة الإنسان، تفكيرك حقيقةً أعجبني جدًّا، وهو تفكير تأمُّلي، لكن – أيها الفاضل الكريم – إذا بحثت في كل أعضاء جسمك حتى الشعرة الواحدة سوف تجد أنها تعمل ومركَّبة بنظام عجيب وبديع، سبحان الله الخالق العظيم.

تفكيرك بالرغم من أنه تفكير تأمُّلي وتدبُّري وإعجازي، لكن قطعًا يحمل الصيغة الوسواسية، وهذا هو الذي جعلك تتخذ الموقف المضاد فيما يتعلق بتناولك أو امتناعك عن تناول بعض الأطعمة.

أيها الفاضل الكريم: ارجع إلى الأصل، أن هذه المعدة يجب ألا تُحرم من المكونات الرئيسية للطعام، بمنطقٍ بسيطٍ طعامك يحتوي على البروتينات، وشيء من الدهنيات، وشيءٌ من السكريات، الفيتامينات، كل المكونات التي تؤدي إلى الغذاء المتوازي يجب أن تتناولها، وذلك لتُتيح لهذه المعدة أن تعمل بالكيفية والنسق والانضباط الذي خلقها الله تعالى عليه، أن تحرمها من شيءٍ معين بحجة أنك لا تُريد أن تُدخل عليها، هذا خطأ جسيم، هذا إخلال بتوازنها، لا تجعل الوسواس يستأسد عليك وينتصر عليك ويُدخلك في دهليز من التفكير المشوه وغير العلمي وغير الصحيح.

إقناع ذاتك يجب أن يكون على هذه الكيفية، واسأل الله تعالى أن يوفقك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأرجو أن تطلع على ما ذكره لك الأخ الدكتور وليد البدوي، جزاه الله خيرًا.

وبالله التوفيق والسداد، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً