الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفرح بالمواقف الصعبة التي يمر بها زوجي!!

السؤال

السلام عليكم!
الإخوة الأفاضل، حفظكم الله! وبعد:
بداية أرجو من الله تعالى أن تهتموا بأمر رسالتي؛ لأنني في حيرة شديدة من أمري بما أعاني! فأنا سيدة ملتزمة، وقد عانيت كثيراً من الظلم والقهر والاضطهاد من أهل زوجي: فوالدته إنسانة تقر عينها عندما ترى زوجي غضبانا مني، أو يهملني، وكثيراً كثيراً من ذلك، وأخته كذلك التي في بيت أهلها، وحقيقة لا أعرف كيف أستجمع أفكاري؛ لأوضح ما قصدته، وما يقلقني!

منذ فترة بدأت أشعر تجاه زوجي بالكره والنفور، ليس دائماً! وعندما أرى زوجي في حالة ضيق، أو يعاني من كرب ما، أو عندما أراه في موقف ضعف أمام أحد الأشخاص، داخلياً ينتابني شعور بالرضا! مع أنني - أقسم بالله - لم أكن كذلك! فأنا أحب زوجي، وهو طيب القلب معي، وأنا إنسانة طيبة، ولا أزكي نفسي على الله عز وجل، وهذه المشاعر التي أشعر بها تجاه زوجي تجعلني في قلق!
فعندما أشعر بذلك الرضا أمام ما ذكرته، بنفس الوقت أشعر أني إنسانة شريرة، وأقول في نفسي: غير معقول أني هذه! وأتساءل داخلياً، وأقول: يا إلهي هل توصلت إلى هذه الدرجة! أن أفرح بالمواقف الصعبة التي يمر بها زوجي؟!

وحقيقة هذا الشعور لا زال يلازمني، وعندما تأتي تلك المشاعر تكون أمامي صورته، أمامي أتخيلها، عندما كان يسكت على ظلم أهله لي، ويرى ظلمهم بعينه، ويسكت! بل كثيراً كثيراً من الأوقات عندما نسافر في إجازة عندهم، يتغير كلياً معي؛ فأنفر منه بشدة لذلك الأمر! وأتمنى بتلك اللحظة: لو أن أمراً ما يأتي من عند الله ويقتص منه ومن أهله!

ماذا أقول - يا أخي الفاضل -!؟ لا أدري ما تلك المشاعر التي أعانيها!؟ حيث إن الذي يهمني ألا أكون آثمة في مشاعري هذه ناحيته، وهي الشعور بالرضا أمام مواقف الضعف، أو المذلة أمام الآخرين! مع أنه ذو شخصية قوية، فإنني أقولها ولا زلت أفرح برؤيته ذليلاً! وبنفس الوقت أشفق عليه أحياناً! وأنا لستُ هكذا؛ فأنا ذات قلب رقيق جداً جداً، وأبكي لمجرد رؤيتي لأي منظر مؤثر!

حتى إن طريقة كلامي أصبحت معه غير رقيقة! فعندما أتكلم أحياناً معه، أو أرد على أسئلته، تكون عباراتي توحي بالقهر منه، مع تلازم صورة ظلم أهله لي، وسكوته! لذلك هذه الصورة لا تفارقني إلا للحظات! وأحياناً يكون جالساً فأنظر إليه بدون علمه بنظرات النفور والقهر منه!

صدقوني إنني لا أكرهه، ولا أتصور الحياة فيها ذرة جمال بدونه، وعندما يغيب عني أحن إليه! ودائماً أذكره بالله، وأدعو له بكل خير!

كثيراً من الأحيان عندما نجلس سوياً يراني سارحة أو متضايقة؛ فيسألني: ما بكِ؟ فتذرف عيوني دموعاً غزيرة، وأشعر أنني سأتفجر داخلياً! فأجيبه بأنه أنتم السبب، أنتم! فيقول لي: لماذا أنتِ دائماً تتذكرين مشاكلهم؟ وينصحني بالنسيان، وفي تلك اللحظة أشعر بحالة إحباط شديدة أكثر! أتساءل لحظتها مع نفسي بأنه كيف أنسى وأنت السبب الرئيس في تماديهم على ظلمي!؟

وكثيراً ما يعدني بأنه سوف يتغير معهم، وسوف لن يسكت على ظلمي! وهذا يزيدني إحباطاً! لأنه في كل مرة يعد كذلك، وعندما يراهم، ينقلب 99 درجة!

إخوتي الطيبين! ما يهمني هو: ما هذه المشاعر التي أشعرها تجاه زوجي من حيث الشعور بالرضا برؤيته بمواقف ضعف، أو ذل، أو كرب، أو غيره؟ وهل علي إثم في تلك المشاعر؟

انصحوني - أيها الطيبين - إن قلبي يبكي!
وجزاكم الله خيراً، وأنار بصائركم لرؤية الحق، وأجرى من خلال أقلامكم كل ما يرضي وجهه الكريم!

والسلام عليكم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الناحية النفسية نستطيع أن نفسر مشاعرك على أنها نوع من الإسقاط النفسي، بمعنى أن كراهيتك موجهة في الأصل لمن هو أقوى، إلا أن هذه الكراهية قد تم إسقاطها على من تستطيعين التحكم فيه بدرجة ما، وفي هذه الحالة هو الزوج، هذا هو التفسير.

لا شك أن هذا الوضع غير سليم وغير صحيح، ويؤدي إلى كثيرٍ من عدم الاستقرار الأسري، فالعلاقة الزوجية لابد أن تكون قائمة على المودة والسكينة والرحمة، وبالرغم من احترامي الشديد لما ورد من أفكار وتفسير إلا أننا كمعالجين مهنيين ومتجردين بإذن الله لابد أن نلفت نظرك إلى البحث عن مساهماتك الشخصية لتدهور العلاقة بينك وبين أهل زوجك، فلابد أن تكون هنالك بعض الأخطاء المشتركة.

إذا تمت معالجة هذا الأمر، وكانت هنالك رؤيا وتجرد من جانبك، فربما تجدين إن شاء الله الكثير من الإجابات لمشاعرك السلبية حول زوجك، وبتصحيح هذه المفاهيم السلبية، ربما تقل الكراهية لديك نحو زوجك .

من الجائز، ربما يكون أن أهل زوجك كثيرو الأخطاء نحوك، ولكن لابد أن تفكري تفكيراً إيجابياً، ولا تجعلي زوجك يعيش في صراع بين أمه وزوجته؛ لأنه مهما كان عادلاً لابد أن يرجح كفة الأم في نهاية الأمر، وذلك لأسبابٍ معروفة .

أنا لست مرتاحاً لمطالبتك لزوجك أن يضع أهله في موضع المخطئ، إنما الذي أرجو أن تطالبيه به هو أن يوفق بين حقوقك وحقوق أمه وأخته، ولابد أن تساعديه في ذلك، ولابد أن تكون هنالك تنازلات من جانبك، حتى تستقيم الأمور، ولو لدرجة بسيطة.

إذا كان لديك إحساس بالقلق والتوتر والاكتئاب، فلا مانع من أن تتناولي بعض الأدوية البسيطة التي تساعد في التخلص من هذه المشاعر، وهذا لا يعني أنك مريضة بأي حال من الأحوال، ولا نريد أن نضعف موقفك.

من الأدوية التي قد تكون مفيدة وسليمة، عقار يعرف باسم موتيفال Motival، وجرعته هي حبة الصباح والمساء، لمدة شهرين، ثم حبة واحدة يومياً لمدة شهر .

أخيراً: أرجو أن تكوني أكثر مفاتحةً مع زوجك، وأن تتخيري اللحظات التي يكون مزاجه فيه مسترخياً، وتناقشي معه فيما يخص حقوقك وحقوق أهله .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً