الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي هي التحسس من الناس ومن كلامهم، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، وأبلغ من العمر 19 سنة، وأعاني من مشكلة لم أستطع حلها.
مشكلتي هي: أني شديدة التحسس من الناس ومن كلامهم مهما كان قربهم مني، أتحسس من كلام صديقاتي وإخواني وحتى والدتي، وأصاب بحزن شديد من أي شيء قد يحزن، ومن السهل جداً إغاظتي واستثارة أعصابي لدرجة تجعل يداي ترتجفان بشدة، وتجعل قلبي يخفق بشكل سريع جداً، ورغبة ملحة في البكاء، ولا أستطيع ضبط أعصابي أبداً، إذا أحزنني شيء أو ضايقني شيء فإنني ألجأ للبكاء الشديد بعيداً عن أنظار أهلي، ولكن إن ساء الوضع فإني أبكي لحظة حدوث الموقف المستثير لأعصابي أمام والدتي أو صديقتي أو إخوتي.

مع العلم أني أتألم وأتحسس وتنجرح مشاعري من الداخل من أشياء قد يراها عامة الناس تافهة ولا قيمة لها، وقد أراها كذلك، لكن لا أستطيع تجاهلها مهما حاولت ومهما مررت بموقف محزن أو يثير أعصابي، فإنني حاولت مرات عديدة أن أتمالكها ولكن لا جدوى، إنني أتألم من الداخل أكثر فأكثر عندما أفقد أعصابي أمام الناس، فأزعج من أهتم لأمرهم حتى أشعر أنهم بدؤوا يضجرون مني أو يملون مني، أو حتى أمام من يتلذذ باستفزازي فإني أعطيه الانتصار على طبق من ذهب، مع كمية من دموعي وقهري وارتعاش جسدي بأكمله.

وأكثر ما يؤلمني شعوري بالخزي والعار والندم والانحراج من نفسي، بعد أن أهدأ وأتذكر كيف كنت أبكي وأنهار، وأقول كلاماً جارحاً للشخص الذي أمامي، وكثيراً ما يحدث لي أن أتذكر المواقف المؤلمة التي حصلت لي في السابق، أو التي كنت وما زلت أعاني منها حتى أصل لدرجة الاختناق والرغبة في البكاء، وأصبح في مزاج سيء جداً، وتتدهور نفسيتي دائماً.

ما الذي أعاني منه بالضبط؟ أهو مرض نفسي، أم أحتاج لاستشارة طبيب سلوكي؟ وكيف أتخلص من هذا كله؟ لأني أتعذب منه كل يوم، ولم أستطع إحداث أبسط فرق، بل إنما يزداد ألمي وكرهي لنفسي يوماً بعد يوم كلما أشعر أنني مصدر إزعاج وقلق لأهلي وأمي وصديقتي، وماذا أفعل كي أزيل الحزن والغضب وأتمالك أعصابي دون أن أؤذي نفسي، أو أي شخص أتعامل معه إذا اجتاحتني نوبة غضب أو حزن أو اكتئاب؟ وكيف أكون قوية أمام من يريد أن يقهرني ويحزنني ويحبطني؟

أرجوكم ساعدوني، أنا بحاجة لمساعدتكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ داليا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ابنتنا العزيزة: ما تشتكين منه ربما يرجع إلى اضطراب في الشخصية، نتيجة أسلوب المعاملة والتنشئة الاجتماعية التي تعرضتِ لها منذ الطفولة، فتكوّن لديك مفهوم معين تجاه ذاتك، فأصبحت شديدة الحساسية وسهلة الاستثارة، وربما يوجد أيضاً ضعف في الثقة بالنفس.

والعلاج يحتاج منك إلى النظر للأمور بموضوعية وتحكيم العقل قبل العاطفة، وتحليل المواقف الاجتماعية تحليلاً شاملاً بعيداً عن النظرة الذاتية الضيقة، والتحرر من هوى النفس والتماس العذر للآخرين، والتحري والتقصي وطلب المعرفة قبل البت في الأمور، والابتعاد عن الظنون السيئة.

ونقول لك أيضاً؛ لا تحقري ما عندك من قدرات وإمكانيات، وانظري إلى إيجابياتك قبل سلبياتك.

لا تقارني نفسك بمن هم أفضل منك في الأمور الدنيوية، وانظري إلى من هم دونك، وارضي بما قسمه الله لك، وحاولي التعامل مع المواقف بحسب طبيعتها؛ فالتي تتطلب الجد جدي فيها والتي تتطلب الهزل لونيها بروح الفكاهة.

لا تستعجلي في ردة الفعل، بل أعطي نفسك فرصة للتفكير في عواقب الأمور، ثم افعلي ما هو مناسب.

تخلصي من فكرة أن الناس كلها ضدك، ولا يحبون لك الخير، فهذه فكرة مسمومة تحطم علاقاتك مع الآخرين. غضي الطرف عن عيوب الآخرين وأخطائهم، وتعلمي أو تدربي على أسلوب الحوار الهادف، ولا تتعصبي لرأيك واحترمي رأي الآخرين ووجهة نظرهم، وليكن نقدك بناءً لا هداماً.

وأخيراً نوصيك بممارسة تمارين الاسترخاء العضلي، لتقليل العصبية وخفض التوتر والتحكم في الغضب، تجدي تفاصيلها في الاستشارة رقم (2136015).

نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وييسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً