الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني كثيراً من المتاعب النفسية، أبرزها الاكتئاب والغضب لأقل شيء

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 28 عاماً، تخرجت منذ ست سنوات، أحافظ على الصلاة أغلب الوقت، وأسأل الله أن يثبتني، وأيضاً أمارس الرياضة لمدة نصف ساعة يومياً منذ شهر، وأمارس المشي منذ سنين، ولا أجد عملاً.

أعاني كثيراً من المتاعب النفسية، أبرزها الاكتئاب والغضب لأقل شيء! هذه المتاعب النفسية موجودة معي منذ الصغر، لأن أمي كانت ظالمة تفرق بيني وبين إخوتي، وكانت كثيراً ما تلح على أبي ليضربني كلما حدث شجار بيني وبين إخوتي، بل وتدفعه ليطردني من المنزل!

كما كان أبي مهملاً لبيته بالكلية، مما جعلني انطوائياً منذ صغري، لذلك لا صاحب لي، وقد يقول البعض: إن الإنسان لابد أن يغير من نفسه إلا أن الواقع أن هناك حدوداً للتغيير، إن كان أصل التنشئة يضاد ذلك، فأنا أتلعثم عندما أتحدث مع الآخرين كثيراً، أي لساني لا يطاوعني، ولا أتمكن من فتح المواضيع، كما أنني منذ تخرجت ونظراً لشدة البطالة في البلد والمدينة التي أقيم فيها فالمجال لتكوين صداقات ضيق، وما زالت أمي تسئ إلي حتى الآن، وتفرق في الماديات والمعاملات.

مؤخراً بدأت متاعبي تزيد نظراً لطول مكثي في المنزل، وبدون عمل بالإضافة إلى توقف بعض دروس العلم بالمسجد نظراً للحالة الأمنية عندنا، وما أجده في شوارعنا من إساءات لمن يظهرون السنة من سب وسخرية مما يغضبني بشدة، ولا أجد من أشكو إليه، وأمي إن تحدثت تتحدث في الماديات والمشكلات وحسب، لذلك أكره الحديث معها لأني لا أتحمل الحديث في مشكلات فوق ما أعانيه، لأن هذا يزيد متاعبي.

أتعشم يا د/ عبد العزيز أحمد أن أكون أوضحت لك هذه المرة عن تاريخ وشكل متاعبي النفسية حتى يمكنك إفادتي.

ما نصيحتكم لي؟ وهل يوجد دواء معين لعلاج متاعبي النفسية تلك؟ وإن كان البروزاك أو أي دواء آخر ليس له آثار جانبية مثلاً على الناحية الجنسية، وأتمنى تحديد الجرعة اليومية، وكم من الوقت لكي يساعدني على التخلص من الاكتئاب والغضب الشديد.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا جزيلاً على الاستفاضة في الشرح عن كل الظروف المحيطة بك، نعم في هذه المرة أوضحت الكثير الذي يُساعدنا -إن شاء الله تعالى- في تقييم الوضع والنصح لك بما هو مفيد.

- نتفق معك في أن العلاقات مع الوالدين والتنشئة عند الصغر تلعب دورًا مهمًّا في حياتك وفي شخصيتك، لا يمكن تجاهل هذا الأمر على الإطلاق، ولكن معرفتنا بهذه الأشياء ليس معناه أن نكون مكبلين وأسيرين عندها، وألا تدفعنا للتقدم إلى الأمام.

أرجو منك أن تلتمس العذر لأمك، فقد تكون هي نفسها مرَّت بظروف صعبة، أو لها مشاكلها الخاصة، واعلم أن غريزة الأمومة هي غريزة قوية، والأم تحب كل أبنائها، ولا أعرف لماذا تفرِّق بينهم؟ قد يكون هناك شيء ما، ولكن تلتمس لها العذر، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى فإنه يمكنك أن تتجاوز هذه المرارات، وفعلاً بدأت أنت بفعل الكثير من التزامك بالصلاة وحضور الدروس في المسجد، وكما ذكرت: الرياضة والمشي، فكل هذه الأشياء مفيدة، ولكن كما ذكرت فهناك ظروف أخرى في البلد الذي تعيش فيه من حيث الباطلة وعدم العمل، ومن حيث أشياء أخرى تُشكل ضغطًا عليك.

أما بخصوص البروزاك فهو دواء فعّال، ويُساعد في مثل هذه الأشياء، أي يُساعد في عملية التغيير لتخفيف أعراض الاكتئاب الناتجة عن الأوضاع التي يعيشها الشخص.

المشاكل الجنسية الناتجة من البروزاك ليست حتمية وليست كثيرة وليست دائمة، والجرعة المناسبة للبروزاك هي كبسولة يوميًا (عشرون مليجرامًا) بعد الأكل، ويُستحسن تناولها بعد الأكل - بعد الإفطار – وهذه الجرعة مناسبة، وليست هناك أعراض جانبية كبيرة مع هذه الجرعة، ويمكن الاستمرار في تناول البروزاك لعدة أشهر، لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وعسى في هذه الفترة أن تجد وظيفة ما تُساعدك في انتظام حياتك وتطرد عنك الملل.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً